الحمد لله.
إذا كان هذا الخاطب مرضي الدين والخلق الآن ، فلا ينبغي رفضه لما كان في ماضيه من ذنوب وآثام قد تاب منها وندم على فعلها ، ولا داعي لإثارة هذه الشكوك وتقديم سوء الظن ، فكم من عاص هداه الله تعالى ووفقه وأكرمه ويسر له طرق الخير ، بعد أن كان في أوحال الرذيلة وأدناس الشر ، وكونه ترك ابنته لعجزه عن الوصول إليها لا يعني أنه يمكن أن يترك زوجته أو أولاده بعد أن هداه الله تعالى .
فالمعول عليه في هذه المسألة هو حاله الآن ، فإن كان صالحا مستقيما ، فلا ينبغي رفضه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي ( 1084 ) من حديث أبي هريرة ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
لكن لا يكفي في الحكم بصلاحه واستقامته إخباره عن نفسه بأنه يصلي أو اعتمر أو يريد الحج ، بل ينبغي أن يُسأل عنه أصدقاؤه وزملاؤه وجيرانه وإمام مسجده ونحوهم ، ممن يطلعون على جليّة أمره .
ومن حق أهلك المعترضين على هذا الخاطب – على الأقل – أن يرتابوا في شأنه ، فينبغي عدم التعجل في قبوله ، حتى تتأكدي من استقامته ، فإن حصل عندك شك أو تردد فالسلامة أولى .
وينظر جواب السؤال رقم 5202 ورقم 105728 لمعرفة الصفات التي ينبغي توفرها في الزوج ، ووسائل التعرف على حال الخاطب .
كما ينظر جواب السؤال رقم 97240 فقد ذكرنا فيه جملة من النصائح والتوجيهات لمن تتردد في قبول الخاطب بسبب ماضيه السيئ ، ومما جاء فيه : " ليكن الحَكم على اختيارك ، هو ما يظهر لك من دينه وخلقه ، وصلاحيته لأن يكون لك زوجا ؛ تأمنين معه على دينك وعرضك ، بحسب ما فصلناه من قبل ؛ وليس الدافع أن يهديه الله على يديك ؛ فتأثير الرجل على امرأته أشد من تأثيرها عليه ، لاسيما في ناحية الهداية والاستقامة ، فإن لم تطمئني إلى حسن حاله وصدق توبته ، فلا ننصحك حينئذ بالإقدام على الاقتران به ".
فليجتهد أهلك في معرفة حال الرجل الآن ، وليكن قرارك الأخير مبنيا على هذا ، مع الاستخارة وسؤال الله تعالى التوفيق والتسديد .
نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة .
والله أعلم .
تعليق