الحمد لله.
أولاً :
الاختلاط المستهتر بين الرجال والنساء أصل كل فساد خلقي في المجتمعات ، ومن الأسباب الرئيسية لانتشار الفساد والرذيلة .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
"فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب" انتهى .
"الاستقامة" (1/361) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر ، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا ، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة" انتهى .
"الطرق الحكمية" ( ص 408) .
ومن أعظم صور الاختلاط الفاحش المعلن بالرذيلة : اختلاط الطلبة والطالبات في المدارس والجامعات ؛ حيث يتسنى للجنسين التباحث والتحادث والنظر والمضاحكات وسائر الإسفافات.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : "اختلاط الرجال والنساء في التعليم حرام ومنكر عظيم ؛ لما فيه من الفتنة وانتشار الفساد وانتهاك المحرمات" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (12/181-182) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الاختلاط في المدارس والجامعات والمعاهد أخطر من الاختلاط في الأسواق ؛ وذلك لأن الرجل والمرأة يجلسان مدة طويلة للاستماع إلى الدرس ويخرجان جميعاً إلى أسياب المدرسة أو المعهد أو الكلية فالخطر فيه أشد ، فنسأل الله أن يحمي شعوب المسلمين من كل سوء ومكروه" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (12/83) .
والواجب على المسئولين تخصيص دور للتعليم للطلاب ، وكذا الطالبات ، منعا لهذا الفساد أن ينتشر ويستشري في المجتمعات .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"فعلى ولاة الأمور أن يخصصوا للطلاب معاهد ومدارس وكليات وكذا الطالبات ، محافظة على الدين ، ومنعا لانتهاك الحرمات والأعراض والفوضى في الحياة الجنسية وبذلك يتمكن ذوو الغيرة والدين من الانتظام في سلك التعليم والتعلم دون حرج أو مضايقات . وإذا لم يقم ولاة الأمور بواجبهم ، ولم يتم فصل الذكور عن الإناث في دور التعليم ، ولا الأخذ على أيدي الكاسيات العاريات لم يجز الانضمام في سلك هؤلاء إلا إذا رأى الشخص من نفسه القدرة على تقليل المنكر ، وتخفيف الشر ببذل النصح والتعاون في ذلك مع أمثاله من الزملاء والأساتذة ، وأمن على نفسه من الفتنة" انتهى . .
"فتاوى إسلامية" (3/129) .
ثانياً :
قولك : إذا كان الطبيب ليس مخيرا في أن يكشف على المريضة من عدمه... حيث إن رفضه يعتبر تجاوزا إداريا حتى وإن كانت الحالة لا تستدعي السرعة في اتخاذ القرار أو أي شبهة للاضطرار فهل يكشف ويفحص على كل من تدخل إليه حيث إن هذا عمله....؟
فالجواب :
لا يجوز للطبيب الرجل أن يعالج المرأة إلا عند الاضطرار كتعذر وجود طبيبة ، وعليه : فعلى الطبيب المسلم أن يراعي ذلك ما أمكن ، فإن تعذر عليه ذلك ، واضطر إلى الكشف ، جاز له أن يكشف ، بشرط انتفاء الخلوة المحرمة أو الشهوة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : نحن مجموعة أطباء نعمل في الرياض ، ويكون علينا مناوبات يكون فيها مرضى ذكور وإناث ، وأحيانا تشتكي المريضة وتكون الشكوى مثلا الصداع أو وجع في البطن ، ويقتضي العمل الطبي حتى يكون تاما أن يتم الفحص : يقتضي أخذ المعلومات عن سبب الصداع ، يقتضي أن يفحص البطن أو الرأس أو غيرها حتى لا يكون عليه مسئولية ، ولو لم يكن من فحص قد لا تتضرر المريضة كثيرا ، يعني هناك مجال للتهرب منها ، لكن حتى يقيم الحالة تقييما تاما يقتضي أن يفحص .
فأجاب :
"الواجب على إدارة المستشفى أن تلاحظ هذا وأن تجعل المناوبة بين الرجال والنساء حتى إذا احتاج النساء المرضى أن يُعالجن أو يفحصن أُرسل إليهن النساء ، فإذا لم تقم الإدارة بهذا الواجب عليها ولم تبال فأنتم لا حرج أن تفحصوا النساء ، لكن بشرط ألا يكون هناك خلوة أو شهوة ، وأيضا يكون هناك حاجة إلى الفحص ، فإن لم يكن حاجة وأمكن تأخير الفحص الدقيق إلى وقت تحضر فيه النساء فأخروه ، وإذا كان لا يمكن فهذه حاجة ولا بأس بها" انتهى . "لقاءات الباب المفتوح" (1/206) .
ثالثاً :
أما عن تكرر فحص المريضات يوميا ، فهو أمر جالب لبلادة الحس وموت الشعور .
ولا شك أن الإشفاق من مثل ذلك من الإيمان .
غير أن هاهنا أمرا لا بد من مراعاته : وهو أنك يا أخي في السنة الأخيرة بالنسبة لدراستك ، فتصبر واستعن بالله تعالى حتى تنهي دراستك وحاول بقدر ما تستطيع أن تبتعد عن هذه القبائح التي لا ضرورة إليها .
أما ترك الكلية ، وإنهاء الدراسة فلا ننصح به ، وحيث إنك عانيت مدة سنين مضت هذه المعاناة ، واحتملتها وأنت كاره لها ، فلتكمل مشوار الدراسة بنفس المعاناة ، صابرا محتسبا ، مراقبا لربك في كل ما تقول وتفعل ، فإنه لم يبق لك على الانتهاء سوى أشهر قلائل ، ثم تنفرد بأمرك ، وتختار لنفسك ، دون أن يرغمك أحد على سوء الاختيار .
ولترك الدراسة مفاسد كثيرة ، مما يخصك شخصيا ، ويخص أهل بيتك ، ومن يحبك من إخوانك وأقاربك .
رابعاً :
أما التحادث مع الممرضات ، والخلوة بهن ، والنظر إليهن بغير حاجة ، فضلا عن ممازحتهن ، فلا يجوز ، وحصول هذا ممن ظاهره يدل على الديانة ؛ يدل على مرض القلب ، وعدم سلامته .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا طبيب في غرفة الكشف ترافقني ممرضة في نفس الغرفة , وحتى يحضر مريض يحصل بيننا حديث في أمور شتى , فما هو رأي الشرع في هذا؟
فأجاب :
"لا يجوز لك الخلوة بالمرأة , ولا يجوز أن يخلو ممرض أو طبيب بممرضة أو طبيبة , لا في غرفة الكشف , ولا في غيرها , لما يفضي إليه ذلك من الفتنة إلا من رحم الله , ويجب أن يكون الكشف على الرجال للرجال وحدهم , وعلى النساء للنساء وحدهن" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (9/431) .
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم : (69859) .
والله أعلم .
تعليق