الحمد لله.
الذي يظهر لنا أن من فاته شيء من الأذان فلم يسمعه : أنه لا يقوله ، وأن له أن يجيب المؤذن من حيث سمع ، دون ما فاته ؛ لأن ظاهر الحديث أن إجابة المؤذن معلقة بسماعه ، وهذا القول هو الصحيح ، خلافاً لمن قال بجواز ذلك .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ) . رواه مسلم ( 384 ) .
قال النووي :
مَن رأى المؤذن ، وعلِم أنه يؤذن ، ولم يسمعه ، لبُعد ، أو صمم : الظاهر أنه لا تُشرع له المتابعة ؛ لأن المتابعة معلقة بالسماع ، والحديث مصرح باشتراطه ، وقياساً على تشميت العاطس ، فإنه لا يشرع لمن يسمع تحميده .
" المجموع " ( 3 / 127 ) .
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله - :
إِذا لم يسمع إِلا بعض الأَذان ، أَو رأَى المؤذن ولا سمعه : فهل يجيبه ؟ .
فأجاب :
إِذا أَدرك بعض الأَذان : فالمرجح عند كثير من الأَصحاب أَنه يبدأُ بأَوله حتى يدركه ، والقول الآخر : أَنه لا يجيب إِلا ما سمع ، وأَنه يفوت لفوات محله ، ولعل هذا أَرجح ، والظاهر أَن هذا تقرير شيخنا الشيخ سعد – أي : الشيخ سعد بن عتيق رحمه الله - .
ومَن قال إِنه يبدأُ بأَوله : فإِن أَقام دليلا ترجح قوله ، وإِلا فظاهر ( إِذا سَمِعْتمْ ) يتعلق بما سمع ، وإِن صار مانع .
ثم هنا مسأَلة : إِذا كان يرى المؤذن ، ولا يسمع صوته ، أَو يسمع الصوت ولا يفهم ما يقول : فقيل : يجيب في الأَخيرة خصوصاً ؛ لعموم ( إِذَا سَمِعْتمْ ) ، ومنهم من يقول : لا يجيب ، وهو أَولى ؛ وذلك أَنه لا يهتدي إِلى أَن يقول مثل ما يقول وهو لا يسمع ، إِلا أَنه يعلم أَنه يؤذن .
" فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 2 / 134 ، 135 ) .
والله أعلم
تعليق