الحمد لله.
أولاً:
قد تبين اليوم لكثير من العقلاء أن نظرية دارون الإلحادية قد أصبحت في مزبلة التاريخ ، وقد فنَّدها علماء الغرب الكافر قبل علماء الإسلام ؛ لمخالفتها للمعقول ، وللأديان .
وقد جاء في " الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة " – بعد الكلام عن تلك نظرية – ( 2 / 940 ، 941 ) :
ويتضح مما سبق :
أن نظرية " داروين " دخلت متحف النسيان بعد كشف النقاب عن قانون " مندل " الوراثي ، واكتشاف وحدات الوراثة – الجينات - باعتباره الشفرة السرية للخلق ، واعتبار أن " الكروموسومات " تحمل صفات الإنسان الكاملة ، وتحفظ الشبه الكامل للنوع .
ولذا يرى المنصفون من العلماء أن وجود تشابه بين الكائنات الحية دليل واضح ضد النظرية ؛ لأنه يوحي بأن الخالق واحد ، ولا يوحى بوحدة الأصل ، والقرآن الكريم يقرر بأن مادة الخلق الأولى للكائنات هي الماء ، ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء ) النور/ 45 ، ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) الأنبياء/ 30 .
وقد أثبت العلم القائم على التجربة : بطلان النظرية بأدلة قاطعة ، وأنها ليست نظرية علمية على الإطلاق .
والإسلام ، وكافة الأديان السماوية تؤمن بوجود الله ، الخالق ، البارىء ، المدبِّر ، المصور ، الذي أحسن صنع كل شيء خلقه ، وبدأ خلق الإنسان من سلالة من طين ، ثم خلقه من نطفة في قرار مكين ، والإنسان يبقى إنساناً بشكله ، وصفاته ، وعقله ، لا يتطور ، ولا يتحول ، ( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) .
انتهى
ثانياً:
لا يختلف نقض تلك النظرية في الحيوان والنبات ، وقد نقض أهل الاختصاص القول بالتطور في الحيوان والنبات بما يجعل تلك النظرية غير قابلة للاستمرار بها بحثاً ، فضلاً عن تصديقها ، واعتقادها .
ومن هذه الأدلة – فيما يتعلق بالحيوان والنبات موضوع السؤال - :
أولاً: إن الواقع الذي نشاهده يتنافى مع ما أسماه " داروين " بـ " البقاء للأصلح " ، فالأرض بما قطعته من مراحل في عمرها المديد ، تعج بـ " الأصلح ، وغير الصالح " ، من شتى أصناف الحيوانات ، ولو كان قانونه صحيحاً : لكان من أبسط مقتضياته الواضحة : أن يتجاوز موكب السباق بين الكائنات الحية نقطة البدء على أقل تقدير مهما فرضنا حركة التطور بطيئة ، ولكن ها هي ذي نقطة البدء لا تزال تفور بكائناتها الضعيفة المختلفة ، ولا تزال تتمتع بحياتها ، وخصائصها ، كما تمتعت بها الكائنات الحية السابقة ، مِثلاً بمِثل ، وعلى العكس من ذلك نجد حيوانات عليا كالديناصورات انقرضت ، بينما ظلت الحشرات الدنيا كالذباب والبرغوث باقية ، وبقي من هم أضعف من هؤلاء ، يقول البروفسور الفرنسي " Etienme Rebaud " في كتابه : " هل يبقى الصالح أم غير الصالح " ( ص 40 ) : " لا وجود للانتخاب الطبيعي في صراع الحياة بحيث يبقى الأقوياء ويزول الضعفاء ، فمثلاً : ضب الحدائق يستطيع الركض بسرعة ؛ لأنه يملك أربعة أرجل طويلة ، ولكن هناك في نفس الوقت أنواع أخرى من الضب لها أرجلٌ قصيرة حتى لتكاد تزحف على الأرض ، وهي تجر نفسها بصعوبة ... وهذه الأنواع تملك البنية الجسدية نفسها حتى بالنسبة لأرجلها ، وتتناول الغذاء نفسه ، وتعيش في البيئة نفسها ، فلو كانت هذه الحيوانات متكيفة مع بيئتها : لوجب عدم وجود مثل هذه الاختلافات بين أجهزتها " .
وعلى عكس مفهوم الانتخاب الطبيعي فإن كل هذه الأنواع ما تزال حية ، وتتكاثر ، وتستمر في الحياة ، وهناك مثال : الفئران الجبلية التي تملك أرجلاً أمامية قصيرة ، وهي لا تنتقل إلا بالطفر في " حركات غير مريحة " ، ولا تستطيع كثير من الحشرات الطيران رغم امتلاكها لأجنحة كبيرة ، فالأعضاء لم توجد في الأحياء كنتيجة لتكيف هذه الأحياء مع الظروف ، بل على العكس فإن ظروف حياتها هي التي تتشكل وفقاً لهذه الأعضاء ووظائفها .
ثانياً: إذا كان التطور يتجه دائماً نحو الأصلح : فلماذا لا نجد القوى العاقلة في كثير من الحيوانات أكثر تطوراً وارتقاءً من غيرها ، ما دام هذا الارتقاء ذا فائدة لمجموعها ؟ ولماذا لم تكتسب القردة العليا من القوى العاقلة بمقدار ما اكتسبه الإنسان مثلاً ؟ فالحمار منذ أن عُرف إلى الآن ما زال حماراً .
لقد عرض " داروين " لهذه المشكلة في كتابه ، ولكنه لم يُجب عليها ، وإنما علَّق بقوله : " أصل الأنواع " ( ص 412 ) :
" إننا لا ينبغي لنا أن نعثر على جواب محدود ومعين على هذا السؤال ، إذا ما عرفنا أننا نعجز عن الإجابة عن سؤال أقل من هذا تعقيداً " .
ثالثاً: وقد ثبت لدى الدراسة أن كثيراً من نباتات " مصر " ، وحيواناتها ، لم تتغير عن وضعيتها خلال قرون عديدة متطاولة ، ويتضح ذلك من الأنسال الداجنة المنحوتة في بعض الآثار المصرية القديمة ، أو التي حفظت بالتحنيط ، وكيف أنها تشبه كل الشبَه الصور الباقية اليوم ، بل ربما لا تكاد تفترق عنها بفارق ما .
والأمثلة كثيرة في هذا الموضوع .
رابعاً: هذه النظرية لا تخضع لتجربة ، أو مشاهدة : المشاهدة الإنسانية لم ترصد أي ارتقاء أو أدنى اعتلاء .
لم ترصد البشرية في أي وقت عبر الزمن أي كائن ما قد تحول إلى كائن آخر بالترقي ، أو بالتطور ، خاصة وأنه يوجد العلماء المتخصصون الذين يراقبون أدنى تغيير حديث في المظهر الخارجي لتلك الكائنات أو تركيبها الداخلي - انظر كتاب الأسترالي Denton ... " .
انتهى من مقال بعنوان " نقد نظريات التطور " بقلم : الدكتور محمد برباب .
وفي المقال زيادة بيان ، ونقدٌ للدارونية الجديدة ، وأنه قد اكتشفت من الحفريات ما " أوقع الداروينية الجديدة في ما يسمَّى بـ " أزمة الداروينية الجديدة " ، خصوصاً وأن هذه الأخيرة تلح على أن جميع الأنواع النباتية والحيوانية تتطور وبدون استثناء " .
والله أعلم
تعليق