الحمد لله.
اتفق العلماء على أنه لا يجوز للسيد أن يتزوج أمته ، لأن عقد الملك أقوى من عقد الزوجية ، ويفيد ما يفيده عقد الزوجة وزيادة ، ويجوز له أن يتزوج أمَةَ غيره إذا توفرت شروط ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وليس للسيد أن يتزوج أمَتَه ؛ لأن ملك الرقبة يفيد ملك المنفعة وإباحة البضع ، فلا يجتمع معه عقدٌ أضعفُ منه ، ولو ملك زوجته وهي أمة انفسخ نكاحها ، وكذلك لو ملكت المرأة زوجها انفسخ نكاحها ، ولا نعلم في هذا خلافا" انتهى.
" المغني " (7/527) .
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ) النساء/25 .
" قوله تعالى : ( فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ) أي : فَلْيَتَزَوّج بأَمَة الغير ، ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز له أن يتزوّج أَمَةَ نفسه ؛ لتعارض الحقوق واختلافها " انتهى.
" الجامع لأحكام القرآن " (5/139) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" يحرم على العبد أن يتزوج سيدته للإجماع ، ولأنه يتنافى كونها سيدته مع كونه زوجها ؛ لأن لكل منهما أحكاماً .
ويحرم على السيد أن يتزوج مملوكته ؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح ، ولا يجتمع عقدٌ مع ما هو أضعفُ منه " انتهى.
" الملخص الفقهي " (2/344) .
والحاصل : أن عقد النكاح لا ينعقد بين السيد وأمته ، وتبقى في ملكه وذمته ولا تكون حرة بذلك.
وإذا أراد الرجل أن يتزوج أمته ، فإنه يعتقها أولاً حتى تصير حرة ، ثم يتزوجها .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا ، فَلَهُ أَجْرَانِ ) رواه البخاري (97) ومسلم (154).
والله أعلم .
تعليق