الحمد لله.
"إذا كنت قد صليت على أبيك مع الناس فلا حاجة إلى إعادة الصلاة ، بل تزوره وتدعو له فقط ، تأتي المقبرة وتسلم على أهل القبور وتدعو لهم وتدعو لأبيك ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( زُورُوا الْقُبُورَ ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ ) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا أن يقولوا : ( السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) ، هذه هي السنة .
فتسلم على أهل القبور وعلى أبيك ، وتدعو له بالمغفرة والرحمة ، ولا حاجة إلى الصلاة ، هذا إذا كنت صليت عليه .
أما إذا لم تصل عليه مع الناس فإنك تذهب إلى قبره وتصلي عليه في مدة شهر فأقل إذا كان مضى له شهر أو أقل ، أما إذا طالت المدة فلا صلاة عند جمع من أهل العلم ، والدعاء يكفي لأبيك والاستغفار له ، والترحم عليه ، والتصدق عنه بالمال ، كل هذا ينفع الميت من أب وغيره .
وأما المصحف إذا خلفه الميت فهو ينفعه إذا وقفه – أي جعله وقفا – ينفعه أجره ، كما لو وقف كتباً للعلم المفيد ؛ علم الشرع ، أو علم مباح ينتفع به الناس فإنه يؤجر على ذلك ، لأنه إعانة على خير ، كما لو وقف أرضاً أو بيتاً أو دكاناً يتصدق بغلته على الفقراء ، أو تبرع للمساجد ، كل هذا يؤجر عليه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) .
فالصدقات الجارية تنفع الميت إذا كان مسلماً ، وينفعه دعاء أولاده ودعاء غيرهم ، وينفعه الوقف الذي يوقفه بعده في سبيل الخير من بيت أو أرض أو دكان أو نخيل ، أو أشباه ذلك ، فينتفع هو بهذا الوقف إذا انتفع به الناس ؛ أكلوا من ثمرته ، وانتفعوا بثمرته ، أو صرفت ثمرته في مساجد المسلمين لإصلاحها في فرشها ؛ أو عمارتها " انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/198 ، 199) .
تعليق