الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم جلسة الاحتباء أو القرفصاء

129182

تاريخ النشر : 09-03-2009

المشاهدات : 146595

السؤال

لقد طالعت حديثا في كتاب " رياض الصالحين " يدور حول حرمة جلوس القرفصاء والخطيب يخطب على المنبر يوم الجمعة . آمل لو ساعدتني بإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع .

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

الحديث الوارد في ذلك رواه الإمام أحمد (24/393) والترمذي (514) عن معاذ بن أنس رضي الله عنه : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحبْوَة يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ) وقال الترمذي : هذا حديث حسن .

والاحتباء هو أن يجلس على أليتيه ، ويضم فخذيه وساقيه إلى بطنه بذراعيه ليستند . وهذه الجلسة تسمى أيضا " القرفصاء " .

وانظر "المعجم الوسيط" (1/154) ، (2/729) .

وقد اختلف أهل العلم في هذا الحديث ، فمنهم من حَسَّنه كالشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح الترمذي" ، وكذا محققو مسند الإمام أحمد .

ومنهم من ضعفه كالنووي في "المجموع" (4/592) وابن العربي في "عارضة الأحوزي" (1/469) وابن مفلح في "الفروع" (2/127) .

قال النووي في "المجموع" بعد أن ذكر أن الترمذي قد حَسَّن هذا الحديث ، قال : "لكن في إسناده ضعيفان ، فلا نسلم حسنه" انتهى .

والضعيفان اللذان أشار إليهما النووي هما : سهل بن معاذ ، وعبد الرحيم بن ميمون .

أما سهل بن معاذ ، فقد قال فيه ابن معين : ضعيف. وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً . وعبد الرحيم بن ميمون ضعفه أيضاً ابن معين . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به .

انظر: " تهذيب التهذيب " (4/258) (6/308) .

وقد ورد الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب عن بعض الصحابة كابن عمر وأنس رضي الله عنهم ، ولهذا ذهب أكثر العلماء (ومنهم الأئمة الأربعة) إلى أنه لا يكره .

قال ابن قدامة في "المغني" (2/88) :

"ولا بأس بالاحتباء والإمام يخطب , روي ذلك عن ابن عمر , وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإليه ذهب سعيد بن المسيب , والحسن , وابن سيرين , ومالك , والشافعي , وأصحاب الرأي . قال أبو داود : لم يبلغني أن أحدا كرهه إلا  عبادة بن نسي , لأن سهل بن معاذ روى , (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب) رواه أبو داود .

ولنا : ما روى يعلى بن شداد بن أوس , قال : (شهدت مع معاوية بيت المقدس , فجمع بنا , فنظرت , فإذا جُلُّ من في المسجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين والإمام يخطب) وفعله ابن عمر , وأنس ولم نعرف لهم مخالفاً , فصار إجماعاً ، والحديث في إسناده مقال . قاله ابن المنذر . والأولى تركه لأجل الخبر , وإن كان ضعيفا , ولأنه يكون متهيئا للنوم والوقوع وانتقاض الوضوء , فيكون تركه أولى , والله أعلم" انتهى باختصار .

وقال النووي في "المجموع" (4/457) :

"الاحتباء يوم الجمعة لمن حضر الخطبة , والإمام يخطب .

نقل ابن المنذر عن الشافعي : أنه لا يكره , ونقله ابن المنذر عن ابن عمر وابن المسيب والحسن البصري وعطاء وابن سيرين وأبي الزبير وسالم بن عبد الله وشريح القاضي وعكرمة بن خالد ونافع ومالك والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق وأبي ثور . قال : وكره ذلك بعض أهل الحديث لحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه : في إسناده مقال" انتهى .

وقد ذكر بعض العلماء أسباب كراهة هذه الجلسة والإمام يخطب .

قال البيهقي رحمه الله :

"والذي روي في حديث معاذ بن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة : فهو إن ثبت فلِما فيه من اجتلاب النوم ، وتعريض الطهارة للانتقاض ، فإذا لم يخش ذلك فلا بأس بالاحتباء" انتهى .

"معرفة السنن والآثار" (1814) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها – أي الحبوة - والإمام يخطب يوم الجمعة لسببين : الأول : أنه ربما تكون هذه الحبوة سبباً لجلب النوم إليه ، فينام عن سماع الخطبة .

والثاني : أنه ربما لو تحرك لبدت عورته ؛ لأن غالب لباس الناس فيما سبق الأزر والأردية ، ولو تحرك أو انقلب لبدت عورته .

وأما إذا أمن ذلك فإنه لا بأس بها ؛ لأن النهي إذا كان لعلة معقولة فزالت العلة فإنه يزول النهي" انتهى .

" شرح رياض الصالحين "

فالخلاصة : أن الأولى ترك الاحتباء والإمام يخطب يوم الجمعة ، فإن احتبى الرجل ولم يكن في ذلك كشف عورته ، أو جلب للنوم ، فلا حرج حينئذٍ .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب