الحمد لله.
أولاً :
لا شك أن ما ذكرتين عن حال النشيد والمنشدين لم يعد خافياً على أحد ، وقد ظهرت نكارته التي حذَّر العلماء من الوقوع فيها ، ولم يعد المشاهد والمستمع العادي يفرِّق بين "منشد" و "مغنِّي" لا في الكلمات ، ولا في الألحان ، ولا في المعازف ، ولا في الجمهور ، ولا في الهيئة ، فتجد المنشد حليقاً أو شبه حليق ، مع لبس بنطال ضيق ، أو ثوب مسبل ، وتجد جمهوره يصفِّق ، ويصفِّر ، وهو في حفل مختلط من النساء والرجال ، وتجد آلات الطرب تصدح إما أمامه ، أو خلف الكواليس ، وتجد ألحان أناشيد فيها التمييع ، والتطريب ، والآهات ، مع حركات أيد ، وتغميض عينين ، وتجد كلماتها فيها تهييج مشاعر ، أو وطنية عنصرية ، أو توسل بالرسول صلى الله عليه وسلم ، أو تغزل بالمدينة النبوية ، هذا حال أكثر المنشدين وأناشيدهم هذه الأيام ، وللأسف الشديد ، فلا عجب بعدها أن تسمع عن ترك واحد منهم للاستقامة ، وتخليه عن الهداية ، ولا تعجب من تحول بعضهم إلى الغناء الصرف ! وهو إمام مسجد في الأصل ! ويقول بما نذكره عنهم ها هنا ، ومن قِبَل : أنه لا فرق بينهم وبين المغنين ، لذا فإنه كان "صريحاً" ! مع نفسه ، و "واضحاً" مع جمهوره ، فالتحق بركب الغناء ، وسار مع قافلة المغنين ، والله المستعان .
البيان لاخطاء بعض الكتاب - ( ص 319 ، 320 ) .
والعلماء لا ينكرون النشيد من حيث الأصل ، وإنكارهم إنما هو لما أُدخل فيه من أمور مخالفة للشرع ، وقد ذكرنا ملاحظات العلماء على هذه الأمور ، وتحذيرهم منها ، وخشيتهم من وجود الأسوأ ، فانظر هذا كله في جواب السؤل رقم : (99176) .
وبعد أن ذكر الشيخ صالح الفوزان حفظه الله خشيته من حصول ما هو أسوأ مما هو موجود الآن : علَّق على ذلك فيما بعد ، فقال :
"ولقد حصل ما خشينا منه من التطور ، فيما يسمَّى بـ " النشيد الإسلامي " ، فقد أخبرني بعض الإخوة من طلاب العلم عن انتشار أشرطة كثيرة جدّاً في بلاد الشام اليوم ، يصاحب المنشدَ فيها الآلةُ حتى أصبحت أقرب إلى الغناء ؛ من أمثال أشرطة "السرميني" ، و "الترمذي" ، ، و "أبي راتب" ، و "البراعم المؤمنة" ... وغيرها من الأسماء التي لا يحصرها عدد ، والتي تعمل مراكز الأشرطة ، والفيديو ، عندهم ليل نهار عليها ، وبأرباح تفوق أرباحها من الغناء الماجن ، حتى إن بعض دور النشر في "عمَّان" قد فرغت نفسها لنشر هذه الأشرطة على أنه عمل إسلامي دعوي ! والذين يتتبعون هذه الأشرطة من شباب المسلمين من الأحزاب المختلفة لا يقبلون أي غمز ، أو اتهام في شأنها ؛ فهي عندهم حل إسلامي ضروري ، وملحّ ، ويكاد يكون جزءً من الدِّين ، وكل من يتناول هذه الأشرطة : فهو متحجر ، ومتشدد ، وأصولي ، ولا يعيش واقع عصره ! وأشد من ذلك : أنه قد حدثني أحد المشايخ أنه سمع شريطاً قد لحنت فيه بعض سور القرآن مع الموسيقى على شكل " أناشيد " ؛ نعوذ بالله من هذا العمل ، ومن أهله" انتهى .
" البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " ( ص 319 ) .
ولمعرفة حكم الأناشيد ومعرفة ضوابط الجائز منه : انظر جواب السؤال رقم : ( 5011 ) و ( 11563 ) .
ثانياً :
حتى تثمر جهودكم في الحد من تلك الظاهرة المؤسفة المنتشرة باسم الدين : فإننا ننصحكم بما يلي :
1. التلطف في الإنكار على المخالف ؛ فإنه من المعلوم تعلق قلوب كثيرين ، وكثيرات ! بالنشيد ، والمنشدين ، فليس من السهل عليهم ترك ذلك إذا استخدمت الشدة في الإنكار عليهم .
2. إبراز فتاوى العلماء بتحريم هذه الأناشيد التي وقعت فيها مخالفات شرعية .
3. إظهار البديل الجاد ، الذي لم تقع فيها مخالفات شرعية .
4. بيان أهمية العلم الشرعي ، وبذل المزيد من الجهود والأوقات في تحصيله ، والتركيز على حفظ القرآن ، وبيان فضل حفظه وتلاوته وتعلمه وتعليمه ، والمشتغل في حفظ القرآن والعلم الشرعي لا يجد وقتاً يلهو به بهذه الأناشيد ، ويضيع وقته في سماعها .
5. ذِكر أثر النشيد على قلوب مستمعيه ، وخاصة المكثر منها ، وقد تعدى أثر ذلك إلى التعلق بذات المنشدين ، كما هو معروف من خلال المنتديات ، ومن خلال أصحاب التسجيلات ، وكثير من الناس لا ينتبه لأثر ما يفعله حتى يقع في الفتنة ، فتحذير هؤلاء الناس من التمييع الحاصل في الأناشيد ، ومن التمايل ، وغير ذلك من المخالفات – وخاصة في " الفيديو كليب " – هو من المهم بمكان ، حتى يؤدي المسلم واجب النصيحة المؤتمن عليها .
ونسأل الله أن يعينكم على أداء رسالتكم ، وأن يسدد خطاكم ، ويوفقكم لما فيه رضاه .
والله أعلم
تعليق