الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

تأتيه الرشوة دون طلب فيأخذها ويعطيها الفقراء

130908

تاريخ النشر : 08-05-2009

المشاهدات : 13305

السؤال

أخي يأتيه بعض الموظفين بأموال مكتسبة من حرام (رشوة) دون أن يطلب منهم أو يأمرهم بذلك. فيأخذها ويرسلها لمن يتخلص منها. - هل هي حلال عليه أن يتسلمها أصلا منهم؟ لأنه يبرر ذلك بأن ينتزعها منهم ويعطها للفقراء أفضل من أن يأكلوها. - هل الذي أرسلت إليه هذه الأموال حلال عليه؟ وماذا لو كانت أخته؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

إن كان المقصود أن أخاك يأتيه من يدفع له الرشوة لتسهيل بعض الأمور ، فيقبلها ثم يعطيها للفقراء ، فقبوله للرشوة عمل محرم ؛ لعموم الأدلة في تحريم الرشوة ، ولما في ذلك من السكوت على المنكر وإقراره وإشاعته بين الناس ، فإن الراشي يظن أن حاجته قد قضيت بالرشوة .

والواجب : رفض الرشوة وردها على صاحبها ، والإنكار عليه ، وبيان حرمتها ، لا التظاهر بقبولها وأخذها .

وقد روى أحمد (6791) وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي) والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621).

وإعطاء الرشوة للفقراء لا يبيح أخذها ، وليس للإنسان أن يتعامل بالحرام ليتصدق أو يحسن ، ويكفي لقبح هذا العمل أنه يقال : فلان يقبل الرشوة ، ويقضي المصالح لأجلها .

وإن كان المقصود أن بعض الموظفين يأخذ الرشوة ثم يعطي جزءا منها لأخيك دون طلب منه ، فيأخذها ويعطيها الفقراء ، فهذا محرم كذلك ؛ لما فيه من السكوت على الرشوة وإقرارها وقبولها في الظاهر ، وقد يكون مراد الدافع لها هو هذا السكوت والمشاركة .

لكن إن جاء الموظف الذي قبل الرشوة وأراد التوبة والتخلص من المال الحرام فأعطاه لأخيك ليتخلص منه ، فلا حرج في ذلك ؛ لأنه إعانة على الطاعة .

ثانياً :

إذا تاب المرتشي وتخلص من المال الحرام ، وأعطاه للفقراء والمساكين ونحوهم ، فلا حرج عليهم في أخذه وهو حلال لهم ؛ لأنهم أخذوه بوجه مشروع .

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/428) : " قال الغزالي : إذا كان معه مال

حرام وأراد التوبة والبراءة منه : فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله

, فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالكٍ لا يعرفه ، ويئس من معرفته ،

فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والمساجد , ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء ....

وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير , بل يكون حلالا طيبا , وله أن

يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا , لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود

فيهم , بل هم أولى من يتصدق عليه , وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته لأنه أيضا فقير .

وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه ,

ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف ، وعن أحمد بن حنبل

والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في

البحر , فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب