الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل تؤخر الزواج لتتم حفظ القرآن وتسعى في طلب العلم؟

131382

تاريخ النشر : 12-04-2009

المشاهدات : 28331

السؤال

هل يجوز لي رفض أي أحد يتقدم لخطبتي حتى ييسر الله لي الانتهاء من حفظ القرآن الكريم وطلب العلم الواجب فقط . فأنا لا أضمن أن من يتقدم لي يكون تقيا نقيا يعلمني ما أجهله من أمر ديني وإن كان كذلك فربما لا يتسع وقته لتعليمي . فبالإضافة إلى أن الزواج يشغل كثيرا من الوقت أنا أخشى على نفسي أن أضيع ولا تقوم لي في التزامي قائمة إذا تزوجت على هذه الحال من الجهل .

الجواب

الحمد لله.

المبادرة بالزواج أمر مطلوب شرعاً لمن استطاع ، ويتأكد هذا الأمر في حق الشباب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (1905) ومسلم (1400) .

قال النووي :

"وَفِي هَذَا الْحَدِيث : الْأَمْر بِالنِّكَاحِ لِمَنْ اِسْتَطَاعَهُ وَتَاقَتْ إِلَيْهِ نَفْسه , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ"

انتهى .

وقال الشيخ ابن باز :

" نصيحتي لجميع الشباب والفتيات البدار بالزواج والمسارعة إليه إذا تيسرت أسبابه ، لقوله النبي  صلى الله عليه وسلم : (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ... الحديث) متفق على صحته . وقوله صلى الله عليه وسلم : (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) . أخرجه الترمذي بسند حسن . وقوله عليه الصلاة والسلام : (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ). خرجه الإمام أحمد وصححه ابن حبان ، ولما في ذلك من المصالح الكثيرة التي نبه عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، من غض البصر وحفظ الفرج وتكثير الأمة والسلامة من فساد كبير وعواقب وخيمة " انتهى .

"فتاوى إسلامية" (3 / 141) .

والواقع أن الزواج قد يشغل عن طلب العلم ، ولكن ذلك ليس بلازم ، فقد يكون الأمر بالعكس ، فهناك من حفظت القرآن بعد الزواج ، وتعلمت وتفقهت بعد الزواج .

والمطلوب منك أن تحسني الاختيار ، فتختاري صاحب الدين والخلق ، الحريص على التفقه في الدين ، حتى يعين كل منكما الآخر على طاعة الله تعالى .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

إني متزوج والزواج سنة ، وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، هل أستطيع أن أطلق زوجتي لأذهب إلى طلب العلم ؟

فأجابوا : "الزواج من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه يكمل المرء دينه ، حيث يغض بصره ويحفظ فرجه ، فلا ينبغي لك أن تطلق زوجتك ، والزواج لا يمنعك من طلب العلم إذا وجد منك قوة العزيمة" انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (20 / 5) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

هناك طالب علم شرعي يريد أن يتزوج ولكنه يخشى إن تزوج أن يتعطل وينشغل عن طلب العلم ، فما نصيحتكم له ؟ وماذا تشيرون عليه إذا أراد ترك الدراسة للجهاد ؟

فأجاب رحمه الله :

"الزواج لا يعوق عن طلب العلم ، بل ربما يعين على طلب العلم ؛ قد يوفق الإنسان لامرأة تقرأ وتكتب وتساعده ، فإن لم تكن فأقل ما يكون أن يذهب عنه الوساوس والتفكير في الزواج ، فالزواج يعين على طلب العلم" انتهى .

"لقاء الباب المفتوح" (48 / 18) .

ثم ينبغي أن تعلمي أن القدر الواجب تحصيله من العلم ، لا يحتاج إلى تأخير الزواج ، لأن هذا القدر لا يحتاج إلى سنوات لتحصيله ، بل يستطيع المسلم تحصيله في مدة يسيرة جداً ، وستجدين بعد الزواج إن شاء الله من الوقت ما تستطيعين تحصيل العلم الشرعي فيه .

فالنصيحة لك : إذا تقدم لك من هو مرضي الدين والخلق أن تقبليه .

ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ويوفقك للعلم النافع والعمل الصالح .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب