الحمد لله.
كتاب " مرآة الزمان في تاريخ الأعيان " هو من تأليف أبي المظفر شمس الدين يوسف بن الأمير حسام الدين قِزُغْلِي، المعروف بسبط ابن الجوزي .
ولد ونشأ ببغداد ، ورباه جده أبو الفرج ابن الجوزي ، وانتقل إلى دمشق فاستوطنها ، وتوفي فيها سنة (654 ) هـ .
وهذا الكتاب تحدث فيه مؤلفه عن تاريخ البشرية ، منذ بدء الخليقة وابتداء العالم وحتى حتى وفاته سنة 654هـ ، ورتبه على السنين.
وقد اهتم بعض العلماء بهذا الكتاب ورفع من شانه حتى قال بعضهم بعد أن ذكر كتب التواريخ: " فرأيت أجمعها مقصداً ، وأعذبها مورداً ، وأحسنها بياناً ، وأصحها روايةً ، تكاد جنة ثمرها تكون عياناً : مرآة الزمان ". نقله ابن حجر في " لسان الميزان " (6/328) .
وقال ابن كثير: " له مرآة الزمان في عشرين مجلداً ، من أحسن التواريخ .. ومن أبهج التواريخ ". انتهى " البداية والنهاية" (13/194) .
ومع ذلك فالكتاب لا يخلو من وجود بعض الملاحظات عليه ، ومن أهمها :
إيراد الأحاديث والأخبار الضعيفة والموضوعة ، والحكايات المنكرة والمستبشعة ، وذكر بعض المثالب في الصحابة والخلفاء الراشدين .
قال الحافظ الذهبي : " وألف كتاب مرآة الزمان ، فتراه يأتي فيه بمناكير الحكايات ، وما أظنه بثقة فيما ينقله ، بل يجنف ويجازف ، ثم إنه ترفض ". انتهى "ميزان الاعتدال" (4/ 471) .
وقال عنه في " تاريخ الإسلام "(حوادث عام 597) : " كثير الحَشَف والمجازفة ". (42/38).
وأنه " إنه خسَّاف ، مجازف ، لا يتورَّع في مقاله ". انتهى من "تاريخ الإسلام" (حوادث عام 581) . (54/405) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فهذا الرجل يذكر في مصنَّفاته أنواعاً من الغثِّ والسمين ، ويحتجُّ في أغراضه بأحاديث كثيرةٍ ضعيفةٍ وموضوعة .
وكان يصنِّفُ بحسبِ مقاصد الناس ، يصنِّف للشيعة ما يناسبهم ، ليعوِّضوه بذلك ، ويصنِّف على مذهب أبي حنيفة لبعض الملوك ، لينال بذلك أغراضه .
فكانت طريقته طريقة الواعظ الذي قيل له : ما مذهبك ؟
قال : في أي مدينةٍ ؟
ولهذا يوجدُ في كتبه ثلبُ الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم ؛ لأجل مداهنة من قصد بذلك من الشيعة ، ويوجد في بعضها تعظيم الخلفاء الراشدين وغيرهم ". انتهى " منهاج السنة النبوية " (4/ 98) .
وإذا كانت هذه حال الكتاب وصاحبه ، فينبغي الحذر من التسليم بما فيه ، وأن يكون المطالعة فيه للمتخصص القادر على مراجعة غيره من التواريخ ، واعتبار ما فيه بمقياس الخطأ والصواب .
وبالإمكان الرجوع إلى كتب التواريخ المعتمدة ، مثل : الكامل في التاريخ لابن الأثير، والبداية والنهاية ، للحافظ ابن كثير رحمه الله ، والعبر وتاريخ الإسلام ، ونحوها ، للحافظ الذهبي رحمه الله .
والله أعلم .
تعليق