السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

السبب في عدم زواج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة رضي الله عنها حتى ماتت

138464

تاريخ النشر : 26-01-2010

المشاهدات : 86957

السؤال

لماذا لم يتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم على أمنا خديجة رضي الله عنها ، وهي على قيد الحياة؟

الجواب

الحمد لله.

روى مسلم في صحيحه (2436) عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : "لَمْ يَتَزَوَّجْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ " .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَهَذَا مِمَّا لَا اِخْتِلَاف فِيهِ بَيْن أَهْل الْعِلْم بِالْأَخْبَارِ , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى عِظَمِ قَدْرهَا عِنْده وَعَلَى مَزِيد فَضْلهَا ، لِأَنَّهَا أَغْنَتْهُ عَنْ غَيْرهَا ، وَاخْتَصَّتْ بِهِ بِقَدْرِ مَا اِشْتَرَكَ فِيهِ غَيْرهَا مَرَّتَيْنِ , لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ بَعْد أَنْ تَزَوَّجَهَا ثَمَانِيَة وَثَلَاثِينَ عَامًا ، اِنْفَرَدَتْ خَدِيجَة مِنْهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ عَامًا وَهِيَ نَحْو الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْمَجْمُوع , وَمَعَ طُول الْمُدَّة فَصَانَ قَلْبهَا فِيهَا مِنْ الْغَيْرَة وَمِنْ نَكَد الضَّرَائِر الَّذِي رُبَّمَا حَصَلَ لَهُ هُوَ مِنْهُ مَا يُشَوِّش عَلَيْهِ بِذَلِكَ , وَهِيَ فَضِيلَة لَمْ يُشَارِكهَا فِيهَا غَيْرهَا " انتهى .

"فتح الباري" (7/137) .

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

"و لم يتزوج في حياتها بسواها ، لجلالها و عظم محلها عنده " .

"الفصول في سيرة الرسول" ، لابن كثير(104) .

وقال أيضا ـ في وجوه تفضيل خديجة رضي الله عنها ، وتعداد مناقبها :

" .. وكونه لم يتزوج عليها حتى ماتت ، إكراما لها ، وتقديرا لإسلامِها " انتهى .

"البداية والنهاية" (3/159) .

على أنه سواء أعرفنا وجه الحكمة في ذلك أم لم نعرفه ، فإجلال المؤمن لنبيه صلى الله عليه وسلم وتوقيره له ، ونصرته وتعزيره : واجب بمقتضى إيمانه به ، واتباعه لرسالته . قال الله تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)) الفتح/8-9 .

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :

" أي: بسبب دعوة الرسول لكم ، وتعليمه لكم ما ينفعكم ؛ أرسلناه لتقوموا بالإيمان بالله ورسوله ، المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الأمور. وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ أي : تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتوقروه أي : تعظموه وتجلوه ، وتقوموا بحقوقه ، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم .

وَتُسَبِّحُوهُ أي: تسبحوا لله بُكْرَةً وَأَصِيلا أول النهار وآخره .

فذكر الله في هذه الآية : الحق المشترك بين الله وبين رسوله ، وهو الإيمان بهما ، والمختص بالرسول ، وهو التعزير والتوقير ، والمختص بالله ، وهو التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها".

انتهى. من " تفسير السعدي" (792) .

ثم إن مثل هذه الأمور هي قضايا أعيان : لا يترتب عليها عمل ولا تكليف ، فإذا تبين المؤمن منها وجها بينا في الحكمة ، مناسبا لما علمه من أصول الشرع ، وقواطع الاعتقاد : فبها ونعمت ، وإلا ، فحسبه ما ظهر له من مقاصد الشرع ووجوه الحكم ، ولا حاجة به إلى تكلف التنقير عما لا يترتب عليه عمل ، ولا يتعلق به كبير فائدة .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب