الحمد لله.
نشكر لك ثقتك بموقعنا، ونسأل الله أن نكون عند حسن ظنك بنا، كما نسأله تعالى أن ينفع بهذا الموقع، وأن يجزي جميع القائمين عليه خيراً.
ولا يخفى على أحد أننا غالبا ما نعتمد تصحيح الشيخ الألباني وتضعيفه؛ ولكن يحصل أحياناً أننا نبحث في الحديث فنجد حكماً لعالِمٍ آخر غير الشيخ الألباني رحمه الله، فربما ترجح لدينا ذلك في حديث معين، وربما كانت هناك أصول بحثية ترجح عدم متابعة الشيخ رحمه الله، في حديث ما؛ فربما رأينا شهرة حكم الشيخ الألباني على الحديث، وقلة المخالفين له، فذكرنا حكمه، وعلَّقنا عليه، وربما رأينا كثرة المخالفين لحكم الشيخ الألباني، فلم نهتم بذِكر حُكم الشيخ، والتعليق عليه؛ مكتفين بما ننقله من المخالفة لطائفة العلماء.
وهذا الثاني هو الذي حصل معنا في عدم ذِكرنا لحكم الشيخ الألباني رحمه الله على الحديث، وقد نقلنا قول ابن رجب الحنبلي رحمه الله في تضعيف الأكثر من العلماء لأحاديث فضل النصف من شعبان.
مع التنبيه هنا على فائدة مهمة، وهي أن الشيخ الألباني رحمه الله يرى تضعيف إسناد حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ! وهو موافق لما ذكرناه من كون إسناده ضعيفاً، لكننا لم ننقله عنه لأنه – رحمه الله – يرى تصحيح الحديث بمجموع طرقه.
قال – رحمه الله -:
و أما حديث أبي موسى: فيرويه ابن لهيعة أيضاً عن الزبير بن سليم عن الضحاك بن عبد الرحمن عن أبيه قال: سمعت أبا موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم (نحوه).
أخرجه ابن ماجه (1390) وابن أبي عاصم اللالكائي.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل ابن لهيعة، وعبد الرحمن، وهو ابن عرزب، والد الضحاك: مجهول، وأسقطه ابن ماجه في رواية له عن ابن لهيعة. "السلسلة الصحيحة" (3 / 218).
وقد ذكر الشيخ رحمه الله طرق الحديث وشواهده في كتابه "السلسلة الصحيحة" (1144) وخلص إلى القول بصحة متن حديث أبي موسى رضي الله عنه.
ولكننا لم يترجح لدينا ما ذكره الشيخ رحمه الله، ولم نرَ تلك الطرق تصلح لتقوية بعضها بعضاً، وقد أحلنا في آخر إجابتنا على رسالة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في "حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان"، وفيها قوله:
"والذي أجمع عليه جمهور العلماء: أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممَّن نبَّه على ذلك: الحافظ ابن رجب في كتابه "لطائف المعارف". انتهى
وهذا هو الذي ترجح لدينا، ومسألة تصحيح حديث، أو تضعيفه، في مثل ذلك هي من موارد الاجتهاد، التي يعمل فيها العالم بما ترجح لديه، ويتابع فيها طالب العلم ما ترجح لديه من أقوال أهل العلم، وليست من موارد الإنكار على المخالف.
ولينظر جواب السؤال رقم: (113687) ففيه فوائد مهمة حول الشيخ الألباني.
والله أعلم.
تعليق