الحمد لله.
أولا :
إن حصول المودة والسكن بين الزوجين مقصد شرعي من أهم مقاصد الزواج ، ومتى استقامت العشرة بينهما ، وأمكن أبقاء ما بينهما من العقد الشرعي ، والالتئام الطبيعي : لم يكن للمرأة أن تطلب فك ذلك الرباط الوثيق ، ولا أن تتحلل مما ألزمها الشرع به من ذلك الميثاق . عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ) رواه أبو داود (2226) وغيره ، وصححه الألباني .
وقوله في الحديث : ( من غير بأس ) أي : لغير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الطلاق منهي عنه مع استقامة حال الزوجين باتفاق العلماء " انتهى .
"القواعد النورانية" (265) .
ثانيا :
دل قوله صلى الله عليه وسلم : ( من غير بأس ) على أنه إذا كان في بقاء المرأة مع زوجها بأس وشدة تلحقها ، فإن لها أن تختلع منه ، أو تطلب منه أن يطلقها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" إذَا تَعَذَّرَ أَنْ يُعَاشِرَهَا بِالْمَعْرُوفِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا " . انتهى . " الفتاوى الكبرى " (3/150) .
وما ذكر في السؤال من امتناع الزوج عن النفقة على زوجته ، وإساءة معاملتها ... ، إلى آخر ما ذكر ، كل واحد منها يبيح لها أن تطلب الطلاق ، أو تختلع منه ؛ فكيف إذا اجتمعت جميعا ؟!
وينظر جواب السؤال رقم (12465) ، ورقم (1859) .
وليُعلم أنه ليس للوالدين ولاية على المرأة في الخلع ؛ لا سيما إذا كانت بالغة راشدة ، فليس لهما أن يجبراها على أن تختلع ، وليس لهما أن يمنعاها منه ، إذا احتاجت إليه ، بخلاف ولاية الأب على ابنته في النكاح .
ينظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (19/248-250) .
على أننا ننصحك ـ قبل الإقدام على هذه الخطوة ـ أن توسطي من ينصح الزوج ، ويحاول أن يصلح بينكما ، ولو إلى القدر الذي يمكن معه استمرار العشرة ، مع التأكيد على أنه ليس من حقه أن يأمرك بما فيه معصية ، كعمل مختلط ، أو يتوقف عما يجب عليه من النفقة وحسن العشرة .
فإن لم ينفع ذلك معه : فحاولي أن تقنعي والديك بذلك ، ولو أن توسطي من يشرح لهم حالك معه ، وكيف أن استمرارك معه مشقة زائدة عليك ، ومضرة في دينك ونفسك ؛ فمن المهم قبل أن تتركي بيتك الذي أنت فيه مع هذا الزوج ، أن تفكري في تهيئة بيتك الذي تنتقلين إليه ، لهذه الخطوة .
نسأل الله أن يلهمك رشدك ، ويصلح زوجك ، وييسرك لليسرى .
والله أعلم .
تعليق