الحمد لله.
الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة ، فما فعله العبد من غير طهارة لا يعد صلاة ، ولا يقبل منه ، وإن أتى بأفعال الصلاة وأقوالها جميعا . قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ ) رواه مسلم (224) من حديث ابن عمر .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ) .
رواه البخاري (6440) ومسلم (330) .
فإذا انتقضت الطهارة أثناء الصلاة ، فالواجب على المصلي أن ينصرف من صلاته ، ليعيد طهارته ، ثم يستأنف الصلاة من أولها .
فإن كان يمكنه أن ينصرف ليتوضأ ، ويدرك الصلاة مع الجماعة ، ولو ركعة منها : وجب عليه أن ينصرف ، ليدرك الجماعة ، خاصة في صلاة الجمعة . ولا حرج عليه في أن يمر بين الصفوف ؛ فإن سترة الإمام سترة لمن خلفه .
وإما إن كان حدثه في آخر صلاته ، ويعلم أنه إن خرج ومشى بين الصفوف لم يمكنه أن يدرك الجماعة مع الأمام ، وكان في الخروج عليه مشقة : جاز له أن ينتظر انتهاء الصلاة ، ليتوضأ ، ويعيد صلاته من جديد .
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" إذا كان شخص يصلي في الصفوف الأولى في المسجد ، وقد انتقض وضوؤه أثناء الصلاة ، ولكنه لم يستطع الخروج ؛ نظرًا لكثرة الصفوف الموجودة في المسجد ؛ فهل يكمل الصلاة بدون قراءة ، بل يركع ويسجد ويقف صامتًا ؟ أم يجلس حتى تنتهي الصلاة ، ولو كان في وسط الصف ؟
فأجاب :
" المشروع في حق من انتقض وضوؤه أثناء الصلاة أن ينصرف ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا ) [ رواه البخاري في صحيحه ( 1/43 ) ] ؛ دل على أن من انتقض وضوؤه يقينًا : أنه ينصرف ولا يبقى .
وإذا لم ينصرف لما ذكرت من ضيق أو من كثرة الصفوف ؛ فإنه لا يجوز له أن يستمر في الصلاة ، فإن قدر أن ينصرف فإنه ينصرف ، وهذا هو الذي يقوم عليه الدليل ، وإن كان لا يقدر أن ينصرف ؛ فإنه يجلس إلى أن تحين له الفرصة للخروج ، والله تعالى أعلم .
" المنتقى من فتاوى الفوزان" .
تعليق