الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

إذا اشترطت ألا يتزوج عليها فهل يلزمه الوفاء

السؤال

تساؤلاتي هي : 1- هل عُلم أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يشترطون على الزوج حين عقد الزواج بأن لا يتزوج بامرأة أخرى؟ أولا يعد هذا تحريماً لما أحله الله؟ 2- لو أن زوجاً وعد زوجته بأن لا يتزوج عليها فهل له أن يلتزم بما وعد؟ أم أن له الحق في الزواج بأخرى؟ علماً أن هذا الوعد قطع بعد الزواج بسنوات، أي أنه لم يكن منصوصاً عليه في عقد الزواج . 3- إذا كانت إجابة السؤال الثاني " نعم" فهل يعتبر هذا الوعد واجب الوفاء به ، حتى ولو كان مقطوعاً به تحت الضغط ؟ 4- وهل يأثم الزوج إذا لم يف بوعده للزوجة الأولى ومضى للزواج بالثانية؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

إذا اشترطت المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها ، فهذا شرط صحيح يلزم الوفاء به ، فإن تزوج عليها كان لها حق الفسخ .

لما روى البخاري ( 2721 ) ومسلم ( 1418 ) أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) .

ولقولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وهذا الشرط لا يحرم حلالا ، وإنما يقيد سلطة الرجل ، ويجعل للزوجة الحق في الفسخ .

وقد وقع في زمن الصحابة رضي الله عنهم اشتراط مثل ذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "ولأن رجلا زَوَّج امرأة بشرط أن لا يتزوج عليها , فرفع ذلك إلى عمر , فقال : مقاطع الحقوق عند الشروط" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/ 124) .


وقال ابن قدامة رحمه الله : " وجملة ذلك أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة , أحدها : ما يلزم الوفاء به , وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته , مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها , أو لا يتزوج عليها , ولا يتسرى عليها , فهذا يلزمه الوفاء لها به , فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح . يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص , ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم وبه قال شريح , وعمر بن عبد العزيز , وجابر بن زيد , وطاوس , والأوزاعي , وإسحاق . وأبطل هذه الشروط الزهري , وقتادة وهشام بن عروة ومالك , والليث , والثوري , والشافعي , وابن المنذر , وأصحاب الرأي " انتهى من "المغني" (9/ 483).
 وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل تزوج بامرأة وشرطت عليه أن لا يتزوج عليها ولا ينقلها من منزلها , وأن تكون عند أمها , فدخل على ذلك , فهل يلزمه الوفاء وإذا خالف هذه الشروط , فهل للزوجة الفسخ أم لا ؟

فأجاب : "نعم ، تصح هذه الشروط وما في معناها في مذهب الإمام أحمد وغيره من الصحابة والتابعين ; كعمر بن الخطاب , وعمرو بن العاص , وشريح القاضي , والأوزاعي , وإسحاق . ومذهب مالك إذا شرط لها إذا تزوج عليها أو تسرى أن يكون أمرها بيدها , أو رأيها ونحو ذلك صح هذا الشرط أيضا , وملكت المرأة الفرقة به , وهو في المعنى نحو مذهب أحمد , وذلك لما خرجاه في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) . وقال عمر بن الخطاب : (مقاطع الحقوق عند الشروط) , فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ما تستحل به الفروج التي هي من الشروط أحق بالوفاء من غيرها" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/ 90) .

ثانيا :

إنما تعتبر هذه الشروط إذا تم الاتفاق عليها عند عقد النكاح ، وأما إذا وقعت بعد العقد ، كانت وعدا ، لا يعطي الزوجة حق الفسخ ، لكن يجب على الزوج أن يفي بوعده ؛ لعموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالوعد ، كقوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) الإسراء/34 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم) رواه أحمد (22251) وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (1018) ، ولأن إخلاف الوعد من صفات المنافقين .

وينظر جواب السؤال رقم (30861)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب