الحمد لله.
أولا :
الوصية : هي التبرع بالمال بعد الموت ، وهي مستحبة في حدود الثلث ، لما روى البخاري (1296) ومسلم (1628) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي ، فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ : لَا ، فَقُلْتُ : بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ : لَا ، ثُمَّ قَالَ : الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ) .
وينظر جواب السؤال رقم (111834) ورقم (111918) .
ويلزم تنفيذ الوصية قبل تقسيم التركة ؛ لقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11 .
وإذا أوصى الإنسان بأزيد من الثلث ، توقفت الزيادة على إجازة الورثة .
وحيث إن والدك قد ترك منزلا قيمته مليونان ، فإن الوصية بمائة ألف وصية مشروعة وهي دون الثلث بكثير .
ثانيا :
إذا حدد الموصي جهة معينة لوصيته ، صرفت الوصية لهذه الجهة .
وإذا لم يحدد جهة معينة ، أو قال : وصية لله ، أو في سبيل الله أو في أوجه البر ، فتصرف في أوجه البر والخير ، كإعطاء الفقراء والمساكين ، لا سيما القرابة ، وبناء المساجد ودور العلم وتحفيظ القرآن ونحو ذلك .
وفي "الموسوعة الفقهية" (43/ 243) : " الوصية لله تعالى : يرى الشافعية ومحمد بن الحسن أنه لو أوصى بثلث ماله لله تعالى ، فالوصية جائزة وتصرف في وجوه البر ، وبقول محمد يفتى عند الحنفية ، ويصرف إلى الفقراء عندهم .
الوصية في سبيل الله : ذهب الشافعية والحنابلة وأبو يوسف إلى أنه لو أوصى بثلث ماله
في سبيل الله تعالى . يصرف في الغزو ؛ لأنه المفهوم شرعا والفتوى عند الحنفية على
قول أبي يوسف .
وذهب محمد بن الحسن والحنابلة في قول إلى أنها تصرف في الحج أيضا . قال محمد : لو
أعطى حاجا منقطعا جاز وأحب إلي أن يجعله في الغزو .
الوصية لأعمال البر ووجوه الخير : لو أوصى بثلث ماله لأعمال البر قال الحنابلة -
وهو قول عند الشافعية - : يصرف في القُرب كلها ويبدأ بالغزو .
ونص الحنفية في فتاوى أبي الليث أن كل ما ليس فيه تمليك فهو من أعمال البر ، حتى
يجوز صرفه إلى عمارة المسجد وسراجه ، دون تزيينه ، ولا يجوز الصرف إلى بناء السجون
.
ونص الشافعية على أنه يجوز صرفه إلى أقارب الموصي ، فإن لم يوجدوا فإلى أهل الزكاة
، وقال في التهذيب : يجوز صرفه إلى ما فيه صلاح المسلمين من أهل الزكاة ، وإصلاح
القناطر وسد الثغور ، ودفن الموتى وغيرها .
ولو أوصى بالثلث في وجوه الخير قال الحنفية : يصح ويصرف إلى القنطرة ، أو بناء مسجد
أو طلبة العلم .
ولو قال : ضع ثلثي حيث أراك الله قال الحنابلة : يصح ، ويصرف في أي جهة من جهات
القرب ، والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه ، وقال الشافعية : لو قال : ضع ثلثي حيث
رأيت أو فيما أراك الله فالأولى صرفه إلى أقارب الموصي الذين لا يرثونه ثم إلى
محارمه من الرضاع ثم إلى جيرانه وليس له وضعه في نفسه " انتهى مختصرا .
ثالثا :
ينبغي التعجيل بتنفيذ الوصية والمبادرة بذلك ؛ لقوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) البقرة/148 ، وقوله : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58 ، بل قال العلماء : ينبغي التعجيل بتنفيذ الوصية قبل دفن الموصي ، حتى يصل إليه الثواب قبل دفنه .
والله أعلم .
تعليق