الحمد لله.
أولا :
من المعلوم من هدي لنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إرشاده إلى اختيار الاسم الحسن ، بل كان يُغَيِّرُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ إلى الحسن .
رواه الترمذي (2839) وغيره ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (207) .
ويتأكد ذلك إذا كان الاسم ظاهر القبح ، كأن يكون مثار استهزاء وسخرية من الناس ، أو موضع تعيير وذم ، أو مجلبة للمشاكل والتعقيدات التي قد تحصل بسببه ، فضلا عن أن يكون متضمنا مخالفة شرعية ، ولذلك نُدب الوالد إلى تسمية مولوده باسم حسن ، وجعل بعض العلماء ذلك من حق الولد على والده .
روى البخاري (6190) وأبو داود (4956) عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : حَزْنٌ . قَالَ : أَنْتَ سَهْلٌ . قَالَ : لا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي . قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : فَمَا زَالَتْ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ .
قال أبو داود عقبه :
" وَغَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ الْعَاصِ وَعَزِيزٍ وَعَتَلَةَ وَشَيْطَانٍ وَالْحَكَمِ وَغُرَابٍ وَحُبَابٍ وَشِهَابٍ فَسَمَّاهُ هِشَامًا وَسَمَّى حَرْبًا سَلْمًا وَسَمَّى الْمُضْطَجِعَ الْمُنْبَعِثَ وَأَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ سَمَّاهَا خَضِرَةَ وَشَعْبَ الضَّلَالَةِ سَمَّاهُ شَعْبَ الْهُدَى وَبَنُو الزِّنْيَةِ سَمَّاهُمْ بَنِي الرِّشْدَةِ وَسَمَّى بَنِي مُغْوِيَةَ بَنِي رِشْدَةَ " انتهى .
وقال النووي رحمه الله :
" السنة تغيير الاسم القبيح " انتهى من "المجموع" (8/418) .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وهذا باب عجيب من أبواب الدين : وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول ، وتنفر منه النفوس ، إلى الاسم الذي هو أحسن منه ، والنفوس إليه أميل ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك " انتهى .
"تحفة المودود بأحكام المولود" (ص 52-53)
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (11 / 337) :
" يَجُوزُ تَغْيِيرُ الاِسْمِ عُمُومًا ، وَيُسَنُّ تَحْسِينُهُ ، وَيُسَنُّ تَغْيِيرُ الاِسْمِ الْقَبِيحِ إِلَى الْحَسَنِ " انتهى .
ثانيا :
ينبغي للابن الذي يتضايق من اسمه ، أن يبين لوالده ما يلحقه من الأذى بسبب هذا الاسم ، وأن يبين له هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ولا يحق للوالد منعه من تغيير اسمه ما دام بهذه الصفة التي ذكرها ، فقد صار الحق هنا خالصا للابن ، وليس على الوالد ضرر ولا أذى في ذلك التغيير ، وليس له مصلحة في بقائه ، ولا يعد تغييره عقوقا للوالد ، حتى وإن لم يرض بذلك التغيير ؛ لكن رغم ذلك يحاول الابن أن يستطيب قلب والده ، وأن يقنعه بذلك ، أو يوسط من أهل الدين والعقل من يبين له السنة في ذلك .
والله تعالى أعلم .
راجع جواب السؤال رقم : (14622) .
تعليق