الحمد لله.
أولا :
الأصل في المرأة هو أن تلزم بيتها ، وتقر فيه ، فهو أرضى لربها ، وأتقى لدينها ، وخاصة في هذا الزمان الذين كثرت فيه الفتن وعمت سائر البلدان ، وذاعت وانتشرت حتى دخلت على الآمنين بيوتهم .
قال الله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) الأحزاب / 33 . وهذا خطاب لأمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدخل معهن فيه نساء المؤمنين باللزوم وبمقتضى التأسي والاقتداء.
فإنه إذا أُمِر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ؛ فغيرهن مأمورات من باب أولى .
قال علماء اللجنة :
" ليست الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هي عامة لجميع نساء المؤمنين ، إلا أنها نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم أصالة ، ويشمل سائر نساء المؤمنين حكمها ، فجميعهن مأمورات أن يلزمن بيوتهن " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (17 / 222)
وروى الإمام أحمد (26550) عن أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنهما أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ . قَالَ : ( قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي ، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي )
فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ . حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (340)
وروى ابن خزيمة (1692) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله أن تصلي في أشد مكان من بيتها ظلمة ) .
حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (348)
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها ، وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ، فلأن يمنع الاختلاط من باب أولى " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن إبراهيم" (10/29)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" خير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها . وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب ; لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر , وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي , وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا , وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها . فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (1 / 422) .
ثانيا :
إذا كان من نيتك الذهاب إلى تلك الجمعيات الخيرية ودور الأيتام لتقديم المعونة ، فيمكنك تقديمها وأنت في بيتك بإرسالها مع ثقة ، سواء كانت معونات نقدية أو عينية .
وهذه الجمعيات الخيرية أصبحت الآن توفد مندوبيها إلى أهل الإحسان لتحصيل هذه المعونات ، كما أن لها حسابات بنكية يمكن إيصال التبرعات إليها من خلالها .
وإذا كنت تقومين بالتدريس لهؤلاء الأيتام ، أو رعايتهم ، أو غير ذلك من المصالح ، فالواجب أن يكون هناك تنسيق مع القائمين على هذه الجمعيات : أن يمنعوا من الاختلاط فيها ، لأجل تحصيل هذه المصالح الشرعية ؛ فإذا تم اجتناب ذلك ، وأمكنك أن تعملي في هذا ، من غير اختلاط بالرجال : فليس هناك مانع من هذه المشاركة .
يراجع لبيان مضار الاختلاط ومفاسده إجابة السؤال رقم : (97231) ، (112188) .
وتراجع أدلة تحريم الاختلاط مستوفاة في إجابة السؤال رقم : (1200)
وللاستزادة : نرجو مراجعة إجابة السؤال رقم : (119402) ، (126983) .
والله أعلم .
تعليق