الحمد لله.
أولاً:
الذي يظهر من سؤالك أن من سألت عنها ، قد تزوجت بدون إذن وليها ولا علمه ، فإذا كان كذلك ، فالراجح أن النكاح لا يصح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
وقد ذهب بعض الأئمة إلى صحة النكاح بلا ولي ، وحكموا بضعف الأحاديث الواردة في اشتراط الولي لصحة النكاح .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (126430) ، (7989) .
ثانياً:
إذا فُرِّق بين الزوجين في نكاح قد اختلف العلماء في صحته ، فلا بد من الطلاق .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "وأما النكاح المختلف فيه فلا يخلو من حالين :
الأولى : أن يرى المتزوج صحته ، فإن رأى صحته فإن الطلاق يقع
ولا إشكال في ذلك ، مثاله : رجل تزوج امرأة رضعت من أمه ثلاث رضعات ، وهو يرى أن
الرضاع المحرم خمس رضعات ، فالنكاح في رأيه صحيح ، فهذا يقع فيه الطلاق بلا شك .
وكذلك : لو تزوج امرأة بدون شهود ، وهو يرى أن الشهادة في النكاح ليست بشرط فالطلاق
يقع.
الثانية : أن لا يرى المتزوج صحة النكاح ، فاختلف أهل العلم في
وقوع الطلاق ، فقال بعضهم : إنه يقع فيه الطلاق ، وقال بعضهم : إنه لا يقع ، فالذين
قالوا : لا يقع ، قالوا : لأن الطلاق فرع عن النكاح ، وهذا لا يرى صحة النكاح فلا
يقع الطلاق منه ، وهذا تعليل جيد لا بأس به .
والذين قالوا : إنه يقع ، قالوا : لأنه وإن لم يَرَ هو صحة النكاح ، لكن قد يكون
غيره يرى صحته ، فإذا فارقها بدون طلاق ، وأتاها إنسان يرى صحة النكاح فلن يتزوجها
، فالطلاق يصح في النكاح المختلف فيه وإن لم يَرَ المطلق صحته ؛ لأنه إذا لم يطلق
فسوف يعطل هذه المرأة .
فإذا قال قائل : لماذا يقع الطلاق وهو لا يرى أن النكاح صحيح والطلاق فرع عليه ؟
قلنا : من أجل أن لا يحجزها عن غيره ؛ لأنه قد يريدها من يرى أن النكاح صحيح ، فإذا
لم يطلقها هذا الزوج لن يتزوجها غيره ؛ لأنه يرى أنها لا زالت باقية في عصمته ،
ولهذا قال المؤلف : (ويقع الطلاق في نكاح مختلف فيه) قال في الروض : (ولو لم يره
مطلق) " انتهى من "شرح الممتع لابن عثيمين" (13/25) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (116575)
.
وعلى هذا ، فإذا كانا قد
عقدا النكاح على الصورة المذكورة في السؤال ، وهما يريان أنه نكاح صحيح فلا بد من
الطلاق ، حتى تثبت الفرقة بينهما .
وإذا امتنع الزوج من طلاق زوجته ، أو رفض أن يخالعها ، ويلحقها ضرر ببقائها معه ،
فإنها في هذه الحال ترفع أمرها للقاضي المسلم حتى يطلقها منه ، فإذا كانت في بلد
غير إسلامي ، فإنه يُرجع إلى أهل العلم في المراكز الإسلامية ، فإنهم يقومون مقام
القاضي المسلم ، فإذا حكموا بالطلاق كان نافذاً .
والله أعلم .
تعليق