الحمد لله.
إذا حرم الرجل على نفسه شيئاً حلالاً ، فحكمه حكم اليمين ، فإن حنث فعليه كفارة يمين ، وذلك لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ثم قال سبحانه : ( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) التحريم / 1 - 2
فجعل الله تعالى تحريم الحلال يميناً .
وقد ثبت عَنْ اِبْن مَسْعُود رضي الله عنه أَنَّهُ جِيءَ عِنْده بِطَعَامٍ فَتَنَحَّى رَجُل ، فَقَالَ : إِنِّي حَرَّمْته أَنْ لَا آكُلَهُ فَقَالَ : إِذَنْ فَكُلْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينك , ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) .
"فتح الباري" (19/57) .
وروى ابن أبي شيبة (5 / 73-74) عَنْ عُمَرَ وابْنِ عَبَّاسٍ وعائشة وَعَنِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ ومَكْحُولٍ أنهم قالوا : " الْحَرَامُ يَمِينٌ " .
وروى البخاري (4911) ومسلم (1473) عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فِي الْحَرَامِ : يُكَفَّرُ وَقَالَ : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" إذا قال : هذا حرام علي إن فعلت وفعل ، أو قال : ما أحل الله علي حرام إن فعلت ثم فعل ، فهو مخير ، إن شاء ترك ما حرمه على نفسه ، وإن شاء كفر .
وإن قال : هذا الطعام حرام علي فهو كالحلف على تركه " انتهى .
"المغني" (11 / 202) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" من حرم على نفسه شيئا مباحا سوى زوجته كالطعام والشراب واللباس كما لو قال : ما أحل الله علي حرام ، أو قال هذا الطعام حرام علي ، فإنه لا يحرم عليه ، فله تناوله ويكون عليه كفارة يمين ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ) إلى قوله تعالى : ( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) أي : التكفير عن تحريم الحلال " انتهى .
"الملخص الفقهي" (2 / 605) .
وقول السائل : وكرر ذلك عدة مرات .
فليس عليه إلا كفارة واحدة وإن كرر اليمين ، حيث كان المحلوف عليه واحدا ، إذا لم يكن كفّر عن اليمين الأولى .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" إذا كرر اليمين على شيء واحد ، مثل إن قال : والله لأغزون قريشا ، والله لأغزون قريشا ، والله لأغزون قريشا فحنث ، فليس عليه إلا كفارة واحدة .
روي نحو هذا عن ابن عمر ، وبه قال الحسن ، وعروة ، وإسحاق .
وروي أيضا عن عطاء ، وعكرمة ، والنخعي ، وحماد ، والأوزاعي " انتهى باختصار .
"المغني" (11/204) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" الأيمان إذا تعددت فإن كانت على شيء واحد كفتها كفارة واحدة إذا لم يكفر عن الأولى ، مثل أن يقول : ( والله لا أكلم فلانا ) ، ويكرر ذلك كثيرا ثم يكلمه ، وإن تعدد جنس المحلوف عليه مثل أن يقول : ( والله لا أكلم فلانا ) ثم يكلمه ، ( والله لا أسافر إلى كذا ) ثم يسافر .. وهكذا ، فلكل يمين كفارتها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/50) .
ولمعرفة كفارة اليمين راجع جواب السؤال رقم : (45676)
والله تعالى أعلم .
تعليق