الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

حكم التنازل عن التأجير المنتهي بالتمليك للغير وطلب دفعة أولى

151945

تاريخ النشر : 22-08-2010

المشاهدات : 28012

السؤال

لي زميل في العمل اشترى سيارة بنظام التأجير المنتهي بالتمليك وقد دفع جزءا كبيرا من قيمتها، وقام بالتنازل عنها لزميل ثان مقابل مبلغ معين من المال كدفعة أولى له على أن يقوم الثاني بسداد باقي أقساط السيارة، والزميل الآخر الآن يعرض علي السيارة بنفس الطريقة بأن يأخذ مبلغ معين كدفعة أولى وأن أقوم بإكمال المتبقي على السيارة من أقساط. هل يجوز هذا النوع من المعاملات مع العلم أن السيارة لاتزال باسم المشتري الأول ونقوم بإثبات حقوقنا بأوراق مكتوبة وبشهود.

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الإيجار المنتهي بالتمليك تجري عليه أحكام الإجارة إلى نهاية العقد ، فلا يملك المستأجر السيارة في مدة الإجارة ليبيعها على غيره ، وإنما يملك المنفعة ، فله أن يؤجر السيارة بنفس الأجرة أو أكثر أو أقل ، بشرط أن يؤجرها على من هو مثله في الاستعمال .
قال في "كشاف القناع" (3/565) : "وتصح إجارة مستأجر العينَ المؤجرة لمن يقوم مقامه في استيفاء النفع أو لمن دونه في الضرر ; لأن المنفعة لما كانت مملوكة له , جاز له أن يستوفيها بنفسه ونائبه . ولا يجوز للمستأجر أن يؤجرها لمن هو أكثر ضررا منه" انتهى .
وينظر : حاشية ابن عابدين (6/ 28)، مواهب الجليل (5/ 417)، مغني المحتاج (3/ 474).
وعليه فللمستأجر أن يؤجر السيارة على غيره بأجرة معلومة ، إلى مدة معلومة ، ولهما أن يتفقا على تعجيل جزء مقدم من هذه الأجرة ، وله أن يعده بأنه إذا ملك السيارة وهبها له ، أو باعها عليه بثمن يسير ؛ لأن الهبة المعلقة جائزة على الراجح ، وقد روى البخاري (2296) ومسلم (2314) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ) فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى : مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا ، فَحَثَى لِي حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ ، وَقَالَ خُذْ مِثْلَيْهَا .
وروى أحمد (27317) عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ : لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا : ( إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إِلَّا قَدْ مَاتَ وَلَا أَرَى إِلَّا هَدِيَّتِي مَرْدُودَةً عَلَيَّ فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ ) قَالَ [أي الراوي عنها] وَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةَ مِسْكٍ وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ. قال الحافظ بن حجر في فتح الباري : إسناده حسن .

وللمستأجر الثاني أن يؤجر السيارة على ثالث ، بأجرة معلومة إلى مدة معلومة ، وأن يعده بهبة السيارة أو بيعها عليه عند تملكها .
وقد ذكرنا في أجوبة سابقة أن الإيجار المنتهي بالتمليك له صور ممنوعة ، وصور جائزة ، وأن من الصور الجائزة :
1- أن يقترن بعقد الإجارة وعدٌ بالبيع ، ثم إذا انتهت الإجارة أجرى الطرفان عقد البيع ، فهذا جائز .
2- أن يقترن عقد الإجارة بوعدٍ بالهبة بعد سداد كامل الأجرة ، فهذا جائز .
3- أن يقترن عقد الإجارة بعقد هبةٍ للعين معلقا على سداد كامل الأجرة .
وفي الصورة الأولى والثانية يلزم إبرام عقد التمليك مستقبلا ولا تنتقل الملكية بالوعد الأول .
جاء في "المعايير الشرعية" ص 142 : " وفي جميع حالات التمليك عن طريق الوعد بالهبة أو بالبيع لابد من إبرام عقد التمليك عند تنفيذ الوعد ولا تنتقل ملكية العين تلقائيا بمجرد وثيقة الوعد الأولى " انتهى .
ثانيا :
ينبغي أن يُعلم أن صيانة العين المستأجرة خلال مدة الإجارة إنما تكون على المالك (المؤجر) ولا يجوز اشتراطها على المستأجر في قول جمهور الفقهاء .
كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (139013) .
وإذا كان من أهل العلم المعاصرين من جوز الدخول في عقد الإجارة المنتهي بالتمليك إذا أُلزم فيه المستأجر بالصيانة ، باعتبار ذلك شرطا فاسدا لا يفسد العقد ، فهذا لا يعني جواز هذا الشرط الفاسد ، بل هو شرط محرم .
وعليه فإذا التزم المستأجر الأول بالصيانة ، لم يجز له أن يجعلها على المستأجر الثاني .
ومسألة الصيانة مما يتميز به عقد الإجارة عن عقد البيع .
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الإيجار المنتهي بالتمليك : " أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع " وينظر نص القرار في جواب السؤال رقم : (97625) .

والحاصل أن الصورة المسئول لا تصح إلا بالضوابط السابقة التي مدارها على أمرين: الإجارة الصحيحة بشروطها المعتبرة ، والهبة المعلق على شرط ، أو الوعد بالبيع أو بالهبة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب