الحمد لله.
إذا دعا الزوج زوجته للجماع وجب عليها طاعته في ذلك ؛ وكذلك إذا دعاها للمداعبة والملاطفة فعليها أيضا أن تطيعه ، وهذا من دواعي استدامة المودة والألفة بينهما .
وقد روى البخاري (2097) ومسلم (715) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَه : تَزَوَّجْتَ ؟ قال : نَعَمْ . قَالَ : بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا ؟ قال : بَلْ ثَيِّبًا . قَالَ : ( أَفَلَا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ ) ... الحديث .
وروى أحمد (16886) وأبو داود (2513) عن عُقْبَة بْن عَامِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ ابْنُ آدَمَ فَهُوَ بَاطِلٌ إِلَّا ثَلَاثًا : رَمْيَهُ عَنْ قَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتَهُ أَهْلَهُ ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ ) .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (35/337) :
" أَفَادَ أَنَّ كُل مَا تَلَهَّى بِهِ الإِْنْسَانُ مِمَّا لاَ يَفِيدُ فِي الْعَاجِل وَالآْجِل فَائِدَةً دِينِيَّةً فَهُوَ بَاطِلٌ وَالاِعْتِرَاضُ فِيهِ مُتَعَيِّنٌ ، إِلاَّ هَذِهِ الأُْمُورُ الثَّلاَثَةُ فَإِنَّهُ وَإِنْ فَعَلَهَا عَلَى أَنَّهُ يَتَلَهَّى بِهَا وَيَسْتَأْنِسُ وَيَنْشَطُ فَإِنَّهَا حَقٌّ لاِتِّصَالِهَا بِمَا قَدْ يُفِيدُ ، فَإِنَّ الرَّمْيَ بِالْقَوْسِ وَتَأْدِيبَ الْفَرَسِ فِيهِمَا عَوْنٌ عَلَى الْقِتَال ، وَمُلاَعَبَتَهُ الْمَرْأَةِ قَدْ تُفْضِي إِلَى مَا يَكُونُ عَنْهُ وَلَدٌ يُوَحِّدُ اللَّهَ وَيَعْبُدُهُ ، فَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ الثَّلاَثَةُ مِنَ الْحَقِّ وَمَا عَدَاهَا مِنَ الْبَاطِل .
قَال الْخَطَّابِيُّ : فِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ مَحْظُورَةٌ ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْخِلاَل مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ مِنْهَا ، لأَِنَّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهَا إِذَا تَأَمَّلْتَهَا وَجَدْتَهَا مُعِينَةً عَلَى حَقٍّ أَوْ ذَرِيعَةً إِلَيْهِ " انتهى .
وحق الزوج على زوجته من أوجب الحقوق وأعلاها وأشرفها ،
فيتوجب عليها طاعته في كل ما يأمر به من المعروف .
وقد روى أبو داود (2140) عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ
لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ ، لِمَا جَعَلَ
اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
فإذا دعا الرجل امرأته إلى ملاطفته ومداعبته وجب عليها طاعته في ذلك ، وذلك لعدة
أمور ، منها :
- وجوب طاعته في المعروف ، وهذا من المعروف .
- أن طاعته في ذلك وسيلة إلى حصول حق واجب ، وهو إعفافه وإحصانه .
- أن طاعته في ذلك وسيلة إلى حصول مقاصد النكاح من الألفة بين الزوجين وحصول
التناسل .
- أن مداعبتها له ومداعبته لها من الحق الذي ندب إليه الشارع وأمر به .
- أن عدم حصول ذلك يورث الكره والنفرة بينهما ، وأن يسخط الزوج على زوجته ؛ فتتعرض
بذلك لسخط الله تعالى .
- أن عدم حصول ذلك إذا طلبه منها فأبت يوحش صدره ويزعج قلبه ويشعره بالذلة والمهانة
، مما قد يترتب عليه ترك معاشرتها وتجنبها بالكلية .
- أن الشريعة أمرت بكل ما يزيد من المحبة بين الزوجين ، ونهت عن كل ما يفسد العشرة
بينهما .
فترك المرأة طاعة زوجها إذا دعاها لملاطفته ومداعبته خلاف ما أمرت به الشريعة وحثت
عليه .
والله أعلم .
تعليق