الحمد لله.
قد كان السابقون من هذه الأمة يرسلون أبناءهم صغاراً إلى البادية لأجل تحصيل فوائد عديدة ، منها ما يتعلق بالتعود على الخشونة وتعلم مكارم الأخلاق ، ومنها ما يتعلق بتقويم اللسان ليتعود سماع اللغة العربية من منبعها الأصلي ، فيتعلم الفصاحة وينطق بالبلاغة .
ليس هناك مانع من استثمار النشاطات المدرسية في تعليم الصغار لغة العرب ، كتابة ، ونطقاً ، ويدخل فيه تعلم النحو والبلاغة والشعر ، والمهم في ذلك حسن التوجيه من قبَل المعلِّمين والمعلِّمات .
وقد كان العرب يرسلون أطفالهم إلى البادية وهم صغار لعدة مصالح ، منها : تعلم اللغة العربية من منبعها الصافي ، وذلك لأن الغالب على أهل البوادي التمسك بلغتهم ، بخلاف أهل المدن ، فقد يتغير لسانهم نتيجة لمخالطتهم غيرهم من الناس .
وتعلم اللغة العربية هو الطريق لفهم نصوص القرآن والسنَّة وكلام أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"الطريق الحسن : اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف ، بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه .
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدِّين تأثيراً قويّاً بيِّناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدِّين والخُلُق .
وأيضاً : فإن نفس اللغة العربية من الدِّين ، ومعرفتها فرض واجب ؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية" انتهى .
" اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 206 ، 207 ) .
وعند تعليم الطلاب الشعر فلتكن المادة هي الشعر الإسلامي ، وهناك مواد وفيرة في هذا الفن تُكسب المتعلم أخلاقاً وآداباً ، وتعلِّمه الفصاحة والبلاغة ، فيجمع المعلم والمعلمة بين الأمرين في سياق واحد .
ولا بد من تحذير الطالبات من الشعر الماجن والغزل ونحوه .
وحثهن على تنمية مهاراتهم الشعرية في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته ، وحث الناس على حسن الأخلاق وغير ذلك من المعاني الجليلة .
فالعمل الذي تقومين به عمل صالح نافع إن شاء الله تعالى ، فأخلصي النية لله ، والله تعالى هو الموفق .
والله أعلم
تعليق