الحمد لله.
أولاً :
لم تبين النشرة الجهة التي ستستثمر المال ، هل هي الشركة نفسها ، أو جهة مستقلة عنها ؟ كما لم تبين نوع الاستثمار وطبيعته .
ثانيا :
قولهم في برنامج الاستثمار : " ب- الاستثمار على الوجه الذي تراه محققاً لصالح المشترك وفقاً لأحسن أحكامها في هذا المجال . وفي كل الحالات تضمن الشركة لكل موظف رأسماله الأساسي الذي أسهم به في تلك الاستثمارات...".
ضمان رأس المال : الأصل منعه في الاستمثار ، إلا إن كان الاستثمار في جهة خارجة عن الشركة ، كبنك إسلامي ، فضمان الشركة لرأس مال موظفيها حينئذ : تبرع منها ، ولا يترتب عليه محذور ، كما سيأتي نقل ذلك عن الدكتور محمد العصيمي والدكتور عبد الستار أبو غدة.
وأما إذا كانت الشركة تستثمر المال في أنشطتها ، فالضمان لا يصح ، لأنه لا يجوز ضمان رأس المال لأحد من الشركاء .
ثالثاً :
تحفيز الموظف على الاشتراك بإعطائه مبلغاً مالياً مماثلاً للمبلغ الذي اشترك به:
فيه تفصيل:
فإن كانت الشركة تستثمر المال في جهة خارجة عنها ، فلا حرج في هذا التحفيز ، وهو
هبة معلقة على شرط ، وهي جائزة على الراجح .
وإن كانت تستثمر المال في أنشطتها ، فهذا التحفيز لا يجوز ، لأنه مع ضمان رأس المال
للموظف ، تكون المعاملة من باب القرض الذي جر نفعاً ، وهو ربا ، فالشركة تأخذ المال
من الموظف على أن ترده بزيادة .
رابعاً :
لا يجوز الدخول في برنامج الاستثمار ما لم يعلم كون الاستثمار في مجال مباح ، وفي
جهة خارجة عن الشركة كما سبق . ومن المجالات المحرمة : استثمار المال في البنوك
الربوية ، وفي شراء السندات الحكومية .
وبهذا يتبين أنه لا يجوز الدخول في برنامج الادخار المذكور إلا بشرطين :
الأول : أن لا تستفيد الشركة من أموال الموظفين ، سواء شاركوا في الادخار فقط ، أو
في الادخار والاستثمار ، بل توضع الأموال في صندوق خارج عن تصرف الشركة ، أو يستثمر
المال في جهة خارجة .
الثاني : أن يكون استثمار المال في مجالات مباحة .
خامساً :
اختلفت فتوى أهل العلم في هذا الادخار لعدم تصريح الشركة بالجهة المستثمرة للمال ،
وبطبيعة الاستثمار .
وقد سئل الدكتور محمد بن سعود العصيمي حفظه الله عن هذا الادخار ، فأجاب :
"من المهم قبل الحكم التأكيد على أن من مسؤولية الشركة تقديم نظام ادخار للموظفين
يفي بالمتطلبات النظامية وأهمها الجوانب الشرعية. والمشكلة التي رأيتها في نظام
ادخار سابك وأرامكو هي:
أولاً: ضمان رأس المال: وهذه في الأصل محرمة، وقد يقال بجوازها ما دامت من رب
العمل، وقد يشكل على ذلك أن رب العمل مستفيد من القرض، فأما إن كانت الشركة تشغل
تلك الأموال في صندوق خارجي، فضمانها له من باب تيسير الاستثمار والحث عليه
لموظفيها، وهذا إن شاء الله لا بأس به، وإن كان تأخذ تلك الأموال وتعمل بها في
أنشطة الشركة، فالضمان هنا منها فيه نظر ولا يصح، ولعل الشركات تسعى لتشغيل الأموال
في صناديق خارجية شرعية..
الثاني: تشغيل تلك الأموال في المحرمات، مثل السندات الحكومية. وهذه لا تصح أبداً،
ولا يصح للموظف الاشتراك فيها إذا علم ذلك. وعلى القائمين على تلك الشركات تقوى
الله تعالى، والكف عن محاربة الله سبحانه وتعالى. وهناك مجالات متعددة الآن
للاستثمار، وليست السندات ضرورة حتى يلجأ إليها.
الثالث: تحفيز الموظف على الاشتراك بإعطائه مبلغاً مالياً مماثلاً للمبلغ الذي
اشترك به، وهذا فيه شبه من الربا من حيث إن الموظف يحصل على فائدة على المال مقابل
الاشتراك في البرنامج، والذي يظهر لي أن الشركة إن كانت مخولة من الجمعية العمومية
بذلك، فإن هناك حاجة ماسة لتوطين الموظفين ، ومن ثم فلا بأس بذلك، بشرط أن يكون
المال المجموع في صندوق الادخار مشغلاً في مكان ليس للشركة به صلة، فلو اقترضت
المال الشركة، فشبهة الربا قوية جداً، وإن كانت تجمع أموال الموظفين، وتجعلها في
صندوق تابع لجهة أخرى، كبنك إسلامي أو غيره، فالشبهة منتفية.
وإنني في الختام أؤكد على الشركات عموما في حفظ حقوق الموظفين، وعدم تقديم المزايا
بطريقة محرمة، مما يؤدي لعدم تجاوب الناس معها، خاصة القطاع المتدين منهم، وهم
الخير والبركة لتلك الشركة. وفق الله الجميع لهداه، وأبعدنا عن مساخط ربنا، والله
تعالى أعلم " انتهى من "موقع الشيخ على الإنرنت" :
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=602
وسئل الدكتور عبد الستار أبو غدة حفظه الله عن هذا
البرنامج ، وأورد السائل عين النشرة التي وردت هنا ، لكنه أقحم فيها هذه الجملة : "
تكون الاستثمارات في بنك إسلامي ومطابقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ولا تستثمرها
الشركة في منتجاتها " ولا شك أن هذه الإضافة تؤدي إلى القول بجواز المشاركة ، كما
يُعلم مما تقدم .
ولهذا أجاب الدكتور بقوله : "يجوز الاشتراك في نظام الادخار لدى شركة بترو كيمياء
التابعة لحسابك بعد أن أصبح في بنوك إسلامية مع بقاء مساهمة لدعم مدخرات المشترك .
أما ضمان الشركة برأس الشركة فيجوز إذا كان الاستثمار يتم خارج نطاق الشركة أي لا
تكون الشركة هي المديرة للاستثمار بل تعهد بذلك إلى أحد البنوك الإسلامية لأنه يجوز
لمدير الاستثمار أن يضمن رأس المال المستثمرين معه .
وعليه إذا كان الاستثمار من قبل الشركة (حسب الفقرة – أ – بالاستفسار) فإنه لا يجوز
أن تضمن الشركة رأس المال .
إن مساهمة الشركة بشكل متزايد حسب المدة هي من قبيل الوعد بهبة طبقاً للجدول
الموضوع من قبلها وهي هبة مقيدة بعدم سحبها في الأحوال الطارئة والله أعلم " انتهى
من موقع الشيخ على الإنترنت:
http://www.abughuddah.com/ibadat.php?pagefilter=mouamalat
وبهذه المناسبة نذكّر بأهمية الصدق في عرض مثل هذه الأسئلة ، وعظم الجناية في خداع أهل العلم ومحاولة استصدار فتاوى تُبنى على غير الواقع .
خامساً :
ولعل من المفيد أن نذكّر بفتوى كثير من أهل العلم في تحريم الادخار في أرامكوا ،
كما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء ، والشيخ ابن عثيمين ، والشيخ عبد الكريم
الخضير .
وينظر جواب السؤال رقم : (30842)
ورقم : (21087) .
كما نورد هنا فتوى الدكتور محمد بن سعود العصيمي ،
والدكتور يوسف الشبيلي في تجويز المشاركة في ادخار شركة الكهرباء ، ليتبين مأخذ
الجواز ، ومأخذ المنع في مثل هذا :
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فنظراً لكثرة الأسئلة التي
وردت إلينا من عددٍ من منسوبي الشركة السعودية للكهرباء عن حكم الاشتراك في برنامج
التوفير والادخار الخاص بالشركة فقد تمت دراسة لائحة نظام التوفير والادخار،
ومقابلة سعادة الأسـتاذ/ عبد الرحيم سعيد الغامدي مدير الدائرة المعنية بإعداد
وإصدار هذا النظام للتأكد من صحة اللائحة الواردة لنا ولاستيضاح بعض الجوانب
المتعلقة بتطبيقه، وقد تم الاطلاع على الحسابات الخاصة به لدى أحد البنوك
الإسلامية، وتبين أن النظام يشتمل على برنامجين:
الأول: ادخاري توضع فيه الأموال المستقطعة في حساب خاص بهذا البرنامج لدى بنك
إسلامي لديه هيئة شرعية وإدارة للرقابة الشرعية ولا يدخل في حسابات الشركة، ولا
تتمكن من التصرف فيه إلا من خلال لجنة إدارة النظام (وفق ما نصت عليه اللائحة)،
وتضع الشركة ما يوازي هذا المبلغ تحفيزاً للموظف على الادخار والاستمرار في الشركة.
الثاني: ادخاري استثماري، توضع فيه الأموال المستقطعة من المشتركين في النظام في
حساب استثماري غير مضمون، يدار بطريق المضاربة (قليلة المخاطر) لدى البنك وفق أدوات
استثمارية مباحة، وتسهم الشركة بما يوازي المبلغ المستقطع من الموظف في ذلك الحساب.
وحيث إن الغرض من هذين البرنامجين تشجيع الموظفين على الادخار واستمرارهم في العمل،
والأموال المستقطعة لا تدخل في الحسابات الخاصة بنشاط الشركة، ولا تستفيد الشركة
منها، فلا يجري على هذه الأموال حكم القرض بل تعد الأموال في البرنامج الادخاري
مضمونة في ذمة البنك المودع لديه، والشركة وكيلة عن المشتركين في ذلك، وأما الأموال
المودعة في البرنامج الثاني فهي حصص في عقد مشاركة في الغنم والغرم. وأما مساهمة
الشركة فهي حافز تشجيعي ولا يترتب عليها محظور شرعي. وبناء على ما سبق فالذي يظهر
هو جواز الاشتراك في نظام التوفير والادخار بالشركة السعودية للكهرباء سواء في
البرنامج الادخاري أو البرنامج الادخاري الاستثماري. كما نشكر للشركة والقائمين
عليها حرصهم على أن يتوافق هذا النظام مع الضوابط الشرعية. وفق الله الجميع لما
يحبه ويرضاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
د. محمد بن سعود العصيمي د. يوسف بن عبد الله الشبيلي " انتهى من "موقع الدكتور
يوسف الشبيلي :
http://www.shubily.com/index.php?news=167
والله أعلم .
تعليق