الجمعة 14 جمادى الأولى 1446 - 15 نوفمبر 2024
العربية

نسيا ذكر الله وقت الجماع ، فماذا يفعلان ليُحفظ الوليد من الشيطان ؟

153633

تاريخ النشر : 12-12-2010

المشاهدات : 61128

السؤال

عندما كنت اقرأ السؤال رقم 125922 اكتشفت أن هناك دعاءً يقوله الزوج عندما يأتي زوجته... وأنا الأن حامل في الأسبوع الرابع ولكنّا لم نقل ذلك الدعاء. لذلك أنا مستاءة جداً، فماذا يجب علينا أن نفعل الأن لكي نحمي طفلنا من الشيطان؟ هل هناك شيء يمكنني أن أقوله أو أفعله فيقوم مقام الدعاء؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله.

أولا :
روى البخاري (6388) ومسلم (1434) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا ، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا ) .
وفي هذا الحديث وعد لمن قال ذلك ورزق ولدا : أن الشيطان لا يضره ، لكن ليس بالضرورة أن من لم يقل هذا الذكر عند الجماع : فإن الشيطان يضر ولده ولابد ، أو أن الشيطان يكون له نصيب في ذلك الجماع ولا بد ؛ فالحديث لم يقل ذلك ، وإنما فاته الفضل والحفظ الوارد هنا ، فإن كان قد ترك ذلك لعذر ، كأن يكون جاهلا به ، أو ناسيا له عند ذلك ، فهو في محل العفو والمسامحة ، إن شاء الله ، بوعد الله تعالى لأمة النبي صلى الله عليه وسلم .
وينظر جواب السؤال رقم (135477) .
ثانيا :
هناك أسباب كثيرة يستطيع من فاتته الفضيلة الواردة هنا ، أن يستدرك بها ما فاته ؛ ومن ذلك:
01 أن يجتهد في العمل بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال ، وتقوى الله عز وجل في السر والعلن ، وتحري الحلال في الكسب ، مع ملازمة ذكر الله وقراءة القرآن ، كل ذلك كفيل – بفضل الله – أن يحفظ على المرء نفسه وزوجه وولده .
روى الحاكم (3395) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( وكان أبوهما صالحا ) قال : " حفظا لصلاح أبيهما وما ذكر عنهما صلاحا "
صححه الحاكم على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي .
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" قال سعيد بن المسيب لابنه : لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك . ثم تلا هذه الآية ( وكان أبوهما صالحا ) وقال عمر بن عبدالعزيز : ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه . وقال ابن المنكدر : إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر .
ومتى كان العبد مشتغلا بطاعة الله فإن الله يحفظه في تلك الحال " انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (ص 187)
وروى ابن أبي شيبة (35374) عَنْ خَيْثَمَة قَالَ : قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : طُوبَى لِوَلَدِ الْمُؤْمِنِ ، طُوبَى لَهُ يُحْفَظُونَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَقَرَأَ خَيْثَمَةُ : ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ) .
وروى أيضا (36460) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قرَأَ الْحَسَنُ هَذِهِ الآيَةَ ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ) قَالَ : مَا أَسْمَعُهُ ذَكَرَ فِي وَلَدِهِمَا خَيْرًا ، حَفِظَهُمَا اللَّهُ بِحِفْظِ أَبِيهِمَا .
وقال ابن كثير رحمه الله : " وقوله : ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ) فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته ، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة ، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم ، كما جاء في القرآن ووردت السنة به " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (5 /186-187)
02 ومما ينبغي العناية به رجاء صلاح الولد فك رهانه بالعقيقة عنه يوم سابعه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) رواه أبو داود ( 2838 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود "
قيل معناه : أن العقيقة سبب لتخليص الولد من الشيطان وحمايته منه .
يرجى مراجعة إجابة السؤال رقم : (12448) ، (60252)
قال ابن القيم رحمه الله :
" وظاهر الحديثِ أنه رهينةٌ فى نفسه ، ممنوعٌ محبوس عن خير يُراد به ، ولا يلزمُ من ذلك أن يُعاقَب على ذلك فى الآخرة ، وإن حُبِسَ بترك أبويه العقيقةَ عما ينالُه مَنْ عَقَّ عنه أبواه ، وقد يفوتُ الولَد خير بسبب تفريطِ الأبوين وإن لم يكن مِن كسبه " انتهى .
"زاد المعاد" (2 /326)
03 الدعاء من أهم الوسائل الشرعية لحفظ الذرية ؛ كما أخبر الله عز وجل عن عباده المؤمنين : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) الفرقان/ 74
قال ابن جرير رحمه الله :
" يقول تعالى ذكره : والذين يرغبون إلى الله في دعائهم ومسألتهم بأن يقولوا : ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا ما تقرّ به أعيننا من أن تريناهم يعملون بطاعتك " انتهى .
"تفسير الطبري" (19 /318)
ثم روى عن الحسن وسليمان التيمي في قوله : ( قرة أعين ) قالا : " المؤمن يرى زوجته وولده يطيعون الله " .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فسألوه أن يقر أعينهم بطاعة أزواجهم وذرياتهم له سبحانه " انتهى .
"الروح" (ص 252)
04 الرقية الشرعية من وسائل حفظ الذرية ؛ فقد روى البخاري (3271) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ : ( إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ ) .
05 ومما يحسن التنبيه عليه أيضا في هذه المسألة : منع الصبيان من الخروج حتى تذهب فورة العشاء ؛ فإنها ساعة تنتشر فيها الشياطين ؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ ) .
رواه البخاري (5623) - واللفظ له - ومسلم (2012) .
و" جنح الليل " : إقباله بعد غروب الشمس ، وهو أول الليل .
وروى الإمام أحمد (14482) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( احْبِسُوا صِبْيَانَكُمْ حَتَّى تَذْهَبَ فَوْرَةُ الْعِشَاءِ ؛ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تَخْتَرِقُ فِيهَا الشَّيَاطِينُ ) .
و" فورة العشاء " أوّل ساعة من الليل .

وبكل حال : فالأخذ بالأسباب الشرعية في التربية هو أساس الوقاية والعصمة من الشيطان الرجيم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب