الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم قبول الهدية من المقترض قبل سداد الدين

153672

تاريخ النشر : 10-10-2010

المشاهدات : 32831

السؤال

أولا : بقي لوالدي مبلغ كبير من المال في ذمة أحد أصحابه حيث كان مضاربا معه في مشروع وانتهى المشروع ولازال في ذمة صاحب والدي ذلك المبلغ ولازال يماطله ويعده في كل مرة ، وفي كل مرة يذهب والدي إلى صاحبه ليطالبه بأمواله يقوم صاحبه بإعطائه وجبة عشاء مجانية ( حيث لديه مطعم يديره ) وهي أشبه بالترضية ليمهله في المطالبة . هل أخذ والدي لهذه الوجبات يعد من الربا ، حيث هي زيادة عن المبلغ الذي أقرضه لصاحبه ؟ ثانيا : أقرضني أخي مبلغا كبيرا إلى غير أجل مسمى ويصعب علي سداده حاليا مع قلة ذات اليد ، هل يجوز لي أن أهديه هدايا في المناسبات ، كقدوم مولود أو انتقال الى بيت جديد ..الخ ، هل هذا من الربا ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يجوز أن يُهدي المقترض للمقرض شيئاً قبل سداد القرض ، ما لم تكن بينها عادة سابقة لقرابة ونحوها ؛ لما روى ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ . قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلا يَرْكَبْهَا وَلا يَقْبَلْهُ ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ) حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/ 159) .
ورَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال : أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ لِي : إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا . و(القَتّ) نبات تأكله البهائم .
وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة .
وينظر جواب السؤال رقم : (49015) .
فإن وجد المقرض حرجا في رد الهدية ، فليحسبها من الدين ، أو ليكافئه بمثلها أو أكثر .
رَوَى سَعِيدٌ بن منصور فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ فَأَهْدَى إلَيَّ هَدِيَّةً جَزْلَةً . قَالَ : رُدَّ إلَيْهِ هَدِيَّتَهُ ، أَوْ احْسبهَا لَهُ .
وروى سعيد بن منصور أيضاً عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ : إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا يَبِيعُ السَّمَكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ، فَأَهْدَى إلَيَّ سَمَكَةً قَوَّمْتهَا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا . فَقَالَ : خُذْ مِنْهُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ .
انظر : "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (6/159) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع" (9/ 61) :" فإن قال قائل : ما دامت المسألة حراماً فلماذا لا يردها أصلاً ؟
قلنا : لأنه قد يمنعه الحياء والخجل وكسر قلب صاحبه من الرد ، فنقول : خذها وانو مكافأته عليها بمثلها أو أكثر ، أو احتسبها من دَيْنه ، وهذا لا بأس به" انتهى بتصرف .
والحاصل : أنه إذا أقرض الإنسان غيره قرضا ، فليس له أن يأخذ منه - قبل سداد الدين - هديةً أو يقبل منه نفعا ، إلا في حالات ثلاث :
1- أن يكون مما جرت به عادتهما قبل القرض .
2- أن يأخذ الهدية بنية رد مثلها .
3- أن يأخذها ويحتسبها من دينه .
وعليه ؛ فليس لأبيك أن يقبل هذه الهدية إلا إذا كان سيرد مثلها ، أو يخصمها من الدين .
ثانيا :
يجوز أن تهدي لأخيك الهدية المعهودة في مثل هذه المناسبات ما دام الباعث عليها أمراً آخر غير القرض .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب