الحمد لله.
لا يجوز للمسلم المشاركة في منتديات أهل الكفر كاليهود والنصارى ؛ وذلك للأسباب الآتية :
1. هذه المنتديات يكثر فيها سب الله تعالى ودينه ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ، ولا يحل البقاء بين أظهر هؤلاء لا قراءة لمشاركاتهم ، ولا سماعاً لكلامهم ، وقد ورد الوعيد الشديد في حق من يكون جزء من مجلس سوء ومنكر يُكفر فيه بالله تعالى ، ويُستهزأ بآياته ، قال تعالى ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء/140 .
وانظر في شرح الآية أجوبة الأسئلة ( 43062 ) و ( 9668 ) و ( 65551 ) .
2. ثبت النهي صراحة عن النظر في كتب أهل الكتاب ، وأولى بالمنع النظر فيما يكتبه النصارى الجهلة الحاقدون على الإسلام وأهله وعلى النبي صلى الله عليه وسلم وشرعه .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي
رواه أحمد ( 23 / 349 ) وحسَّنه الألباني في " إرواء الغليل " ( 6 / 34 ) .
3. في مشاركة المسلمين في تلك المنتديات النصرانية – وغيرها من أهل الكفر والإلحاد – تقوية لتلك المنتديات ، وسبب لاستمرارها ، ولو أنها تُركت من غير مشاركة أحدٍ من المسلمين لسرعان ما تعبوا من الصراخ وأغلقوا منتدياتهم .
4. في المشاركة في منتدياتهم سبب للوقوع في الفتنة ، والمسلم لا ينبغي له اقتحام مجالات الفتن ومعتركات الضلال والإلحاد ، بل يجب عليه النأي بنفسه عنها والابتعاد عن الدخول في أماكنها ومشاركة أهلها قيلهم وقالهم ، وكم من مسلم وقع في البدعة لكثرة نظره في كتب أهل البدعة ، وكم من مسلم انحرف لإدمانه سماع قنوات التنصير والدخول في غرفهم في " البال توك " .
5. من المعلوم البين من حال القوم ، أنهم لا ينشرون إلا ما ينفعهم ، أو يقدرون على رده وتفنيده ؛ فهم قد ينشرون سبابا ، أو نقاشا ضعيفا ، أو نحو ذلك ، مما يقوي جانبهم ، وأما أن ينشروا ما يدينهم ويدمغ باطلهم ، فهذا أبعد ما يكون ؛ إن القوم يحرفون كتابهم المقدس ، ليوافق أهواءهم وضلالاتهم ؛ فكيف بمشاركات ترد عليهم ، أو تدفع باطلهم .
لذا ولما سبق جميعه فإننا لا نشك أنه لا يحل لمسلم أن
يشارك في منتديات النصارى ، ولا غيرهم من أهل الكفر والبدع والضلال .
ويُستثنى من المنع من النظر فيما عند القوم : العلماء وطلبة العلم المتمكنون من
دينهم والعارفون بضلال الأديان والمذاهب الفاسدة تلك .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
والأولى في هذه المسألة : التفرقة بين من لم يتمكن ويَصِر من الراسخين في الإيمان
فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك ، بخلاف الراسخ فيجوز له ولا سيما عند الاحتياج
إلى الرد على المخالف ، ويدل على ذلك : نقل الأئمة قديماً وحديثاً من التوراة ،
وإلزامهم اليهود بالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم بما يستخرجونه من كتابهم ،
ولولا اعتقادهم جواز النظر فيه : لما فعلوه وتواردوا عليه .
" فتح الباري " ( 13 / 525 ، 526 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
لا تجوز مراسلة مراكز التبشير بالنصرانية ، ولا حضور دروسها ، ولا سماع أشرطتها ،
ولا المشاركة في المسابقات التي تنظمها وإن كانت مغرية ؛ لما في ذلك من التعاون على
الإثم والعدوان ، لكن يجوز النظر في كتب اليهود والنصارى لمن عنده المقدرة على الرد
على ما فيها من الباطل ؛ إقامة للحجة وإزالة للشبهة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ
بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 1 / 444 ، 445 ) .
ونوصي عموم إخواننا بالتزود بالعلم الشرعي ، واستثمار الأوقات فيما ينفع ، وأن
يدعوا مناقشة النصارى والرافضة والصوفية لمن هم أهل لذلك ، وقد يسَّر الله جنوداً
للإسلام أوفياء – كما نحسبهم والله حسيبهم – يدافعون عن دين الله ويصدون هجمات
الكفر والإلحاد ، ويغزون أهل البدع والضلال في عقر دارهم ، فينتظر منكم هؤلاء الدعم
المادي والمعنوي لهم ، وعدم تشتيت الجهود ، وعدم التسبب في الطعن في الإسلام من
قبَل أعدائه ، ويحدث هذا عندما يرفع سيفه من لا يحسن حمله فضلاً عن القتال به .
ولتتمة الجواب : انظر جوابي السؤالين (
106399 ) و ( 92781 ) .
وفي المنع من إطلاق لفظ " المسيحية " على النصارى : انظر جواب السؤال رقم (
111878 ) .
والله أعلم
تعليق