الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل تحنيك الصبي خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟

154403

تاريخ النشر : 09-11-2010

المشاهدات : 81641

السؤال

- أخبرني أحد الإخوة أن تحنيك الصبي كان فعلاً خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد غيره أن يفعله. وقال أيضاً أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه فعل ذلك... فهل هذا صحيح؟ - هل يجب في التحنيك أن يكون بالتمر فقط أم أنه يمكن أن يكون بأي شيء أخر حلو؟ أيّ هل يمكن أن يكون بالعسل مثلاً؟ لأن التمر نادر جداً في المنطقة التي أنا فيها لكنّ العسل متوفر بكثرة.. ولكن الأطباء يقولون أنه لا يُنصح بإعطاء العسل للمواليد.. فما رأيكم؟

الجواب

الحمد لله.


روى البخاري (6355) ومسلم (286) – واللفظ له - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيُبَرِّكُ عَلَيْهِمْ وَيُحَنِّكُهُمْ )
فذهب عامة أهل العلم إلى استحباب تحنيك الصبي بعد ولادته ، حتى حكى النووي رحمه الله الاتفاق عليه ، وذهب بعضهم إلى أنه كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" التحنيك يكون حين الولادة حتى يكون أول ما يطعم هذا الذي حنك إياه ، ولكن هل هذا مشروع لغير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ فيه خلاف : فمن العلماء من قال : التحنيك خاص بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم للتبرك بريقه عليه الصلاة والسلام ليكون أول ما يصل لمعدة هذا الطفل ريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الممتزج بالتمر ، ولا يشرع هذا لغيره ، ومنهم من قال : بل يشرع لغيره ؛ لأن المقصود أن يطعم التمر أول ما يطعم ، فمن فعل هذا فإنه لا ينكر عليه ، أي من حنك مولودا حين ولادته فلا حرج عليه ، ومن لم يحنك فقد سلم " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (228 /6)
والقول بعدم الخصوصية هو الذي ذهب إليه عامة العلماء ، وقد ورد بذلك آثار عن السلف ، خلافاً لما ورد في السؤال ، من أنه لم يثبت ذلك عن أحد من الصحابة والتابعين .
ويدل على أن التحنيك كان معروفاً عند الصحابة ما رواه الإمام أحمد رحمه الله في "مسنده" (11617) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أن أمّه أُمّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ ، فَوَلَدَتْهُ لَيْلًا ، وَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال أنس : فَحَمَلْتُهُ غُدْوَةً وَمَعِي تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ فَوَجَدْتُهُ يَهْنَأُ أَبَاعِرَ لَهُ أَوْ يَسِمُهَا ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ اللَّيْلَةَ فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ أَمَعَكَ شَيْءٌ ؟ قُلْتُ تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ . فَأَخَذَ بَعْضَهُنَّ فَمَضَغَهُنَّ ثُمَّ جَمَعَ بُزَاقَهُ فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ ، فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ فَقَالَ : ( حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ ) وهو في البخاري (5470) ومسلم (2144) بنحوه .
فقوله في الحديث : ( وَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) دليل على أن التحنيك كان معروفا عندهم .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" ولد الحسن – يعني البصري - في خلافة عمر بن الخطاب ، وأتى به إليه فدعا له وحنكه " انتهى .
"البداية والنهاية" (9 /303) .
وقال الخلال : أخبرني محمد بن علي قال : سمعت أم ولد أحمد بن حنبل تقول : لما أخذ بي الطلق كان مولاي نائما فقلت له : يا مولاي هو ذا أموت ! فقال : يفرج الله . فما هو إلا أن قال يفرج الله حتى ولدت سعيدا ، فلما ولدته قال : هاتوا ذلك التمر - لتمر كان عندنا من تمر مكة - . فقلت لأم علي : امضغي هذا التمر وحنكيه . ففعلت " .
"تحفة المودود" (ص 33) .
- واستحب أهل العلم إذا لم يجد تمرا أن يحنكه برطب ، وإلا فبأي شيء حلو ، وأحلى ذلك العسل .
قال النووي رحمه الله :
" اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإن تعذر فما في معناه وقريب منه من الحلو ، فيمضغ المحنك التمر حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ، ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه " انتهى .
" شرح النووي على مسلم " (14 / 122 - 123) .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9 /588) :
" التحنيك مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودلك حنكه به ، يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ، ويقوى عليه ، وينبغي عند التحنيك أن يفتح فاه حتى ينزل جوفه ، وأولاه التمر ، فإن لم يتيسر تمر فرطب ، وإلا فشيء حلو ، وعسل النحل أولي من غيره " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (10/277) :
" وَيُحَنَّكُ الْمَوْلُودُ بِتَمْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ تَمْرٌ فَرُطَبٌ ، وَإِلاَّ فَشَيْءٌ حُلْوٌ ، وَعَسَل نَحْلٍ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ ، ثُمَّ مَا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِمَّا يُفْطِرُ الصَّائِمَ " انتهى باختصار .

- فإذا قرر الأطباء الثقات أن العسل سيضره إذا حنك به حنكه بغيره من الحلو .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب