الحمد لله.
يسن بعد تغسيل المرأة الميتة أن تطيب ، كما يطيب الرجل ولا فرق بينهما ويدل على استحبابه حديث أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ فَقَالَ : (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ...) رواه البخاري (1253) ، ومسلم (939) .
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت
لِأَهْلِهَا : (أَجْمِرُوا ثِيَابِي إِذَا مِتُّ ثُمَّ حَنِّطُونِي ...) رواه مالك
في الموطأ (528) .
قال الباجي رحمه الله : "... تريد بقولها "أجمروا ثيابي" تجميرها بالعود وغير ذلك
مما يتبخر به والأصل في ذلك أن الميت يحتاج إلى تطييب ريحه وريح كفنه ، فإن ذلك من
إكرامه وصيانته لئلا تظهر منه ريح مكروهة ولذلك شرع في غسله الكافور ليطيب ريحه
ولتخفى ريح كريهة إن كانت .
وقولها : "ثم حنطوني" الحنوط ما يجعل في جسد الميت وكفنه من الطيب والمسك والعنبر
والكافور وكل ما الغرض منه ريحه دون لونه ؛ لأن المقصود منه ما ذكرنا من الرائحة
دون التجمل باللون" انتهى من "المنتقى شرح الموطأ" (2/28) .
وقال الحافظ رحمه الله : "قيل : الحكمة في الكافور مع كونه يطيب رائحة الموضع لأجل
من يحضر من الملائكة وغيرهم أن فيه تجفيفا وتبريدا وقوة نفوذ وخاصية في تصليب بدن
الميت وطرد الهوام عنه وردع ما يتحلل من الفضلات ومنع إسراع الفساد إليه وهو أقوى
الأراييح الطيبة في ذلك وهذا هو السر في جعله في الأخيرة إذ لو كان في الأولى مثلاً
لأذهبه الماء" انتهى من "فتح الباري" (3/129) .
والحاصل : أنه يستحب تطييب كفن المرأة كما هو في حق الرجل ؛ لأن العلة من منع
المرأة من استعمال الطيب عند خروجها ، ما يترتب عليه من مفاسد ، فمنع منه الشرع ،
أما إذا ماتت استحب تطييبها لانتفاء العلة ، ولأن العلة من تطييب الرجل بالكافور
والحنوط موجودة في حق المرأة فاستحب تطييبها كالرجل .
والله أعلم
تعليق