الحمد لله.
ما يفعله بعض التجار من الاشتراط على الموزِّع لبضائعهم أن لا يشتري بضائع منافسة لبضائعهم هو شرط باطل ؛ وقد سئل الشيخ سليمان الماجد حفظه الله عن هذا الشرط فأجاب بفساده .
قال الشيخ سليمان الماجد حفظه الله :
"فإن صورة هذه المسألة هي أن يجري الاتفاق بين الطرفين على مدة معينة كسنَة ، أو أكثر ، يُعطي وكيلُ السلعة صاحبَ المحل خلالها امتيازا ببيع منتجاته ، مع اشتراطه أن لا يبيع أي منتج آخر من نفس النوع لأي وكيل منافس ، وذلك بمقابل يأخذه المشتري ، والصورة المشهورة هي ما يكون بين محلات التموين ووكلاء تصنيع المشروبات الغازية .
ويستفيد البائع من هذا : ضمان تصريف بضاعته ، وعدم منافسة الآخرين له في هذا الزمان والمكان ، كما يستفيد المشتري تخفيضاً مجزياً مقابل ذلك .
ويرد على هذا العقد أن الجهالة والغرر لا يكادان ينفكان عنه ؛ فلا يوجد - فيما نعلمه من واقع السوق - اتفاق على كمية معينة ؛ بل يكون طلب صاحب المحل من الوكيل مرهوناً بمقدار طلب زبائنه .
ومن أحوال الجهالة : أن السلع التي يبيعها الوكيل ذات أنواع عديدة تصل في المشروبات الغازية إلى خمسة أنواع أو أكثر ، ولا يقع الاتفاق على الأعداد المبيعة من كل نوع ، وقد يكون بعضها متوافراً للوكيل ، أو غير متوافر .
ومما يرد عليه عدم تحقق ملك البائع للسلعة وقت البيع على الصفة التي تم عليها العقد ؛ بل هي خام في مستودعاته .
كما يقال بأنه حتى لو تم العقد على مدة معينة ، وعلى بضاعة موصوفة مملوكة للبائع وقت الاتفاق : فإن الجهالة والغرر حاصلان في هذا العقد ؛ حيث لا يخلو الأمر من حالين :
الأولى : أن يتم تصريف السلع المحددة قبل نهاية مدة العقد ؛ فيبقى صاحب المحل ممنوعاً من بيع منتجات منافسة ؛ بما يفضي إلى أضرار بالغة ؛ ويكون ذلك في مدة مجهولة .
الثانية : أن لا يتم تصريف السلع كلها أو بعضها خلال مدة العقد ؛ فيبقى عند المسوق قدرٌ منها مجهولاً في كثرته وقلته ، في الوقت الذي يكون مشمولاً بالتخفيض الكبير ، لكنه غير مشمول بمدته ؛ مما يؤدي بصاحب المحل إلى الجمع بين غنم التخفيض ، والسلامة من غرم الامتياز ؛ فيتمكن من بيع سلع أخرى يقتضي أصل العقد المنع من بيعها ؛ فلا يتحقق العدل بين الطرفين في المعاوضة .
ومن مفاسد هذه العقود : أنها تفوت على المستهلك اختيار الأجود ؛ لاسيما إذا كان ذلك في مجال الأدوية ، أو حليب الأطفال ، وسائر الأغذية .
فبناءً على ذلك : فإن أدلة الشريعة العامة وقواعدها تدل على المنع من إبرام هذه العقود ، وأنها فاسدة ؛ لما فيها من الغرر والجهالة الظاهرين في العقد ، وقد ( نهى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْغرَر ) أخرجه مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه ، والله أعلم .
http://www.salmajed.com/node/10879
وعلى هذا ، فينبغي أن تخبر
المسؤولين في تلك الشركة بأن هذا العقد لا يجوز شرعاً وتبين لهم أنك متضرر من هذا
الاتفاق ، وأنك سوف تبيع بضاعة للشركات المنافسة .
فإن رضوا بذلك ، وإلا فليس إلا فسخ العقد ، ونسأل الله أن يعينك ويقضي دينك .
والله أعلم.
تعليق