الحمد لله.
من الأمور المهمة أن يسعى الزوجان لحل المشكلات الحياتية التي لا يخلو منها بيت ، ولا تنجو منها أسرة ، بروح التفاهم والتعاون والمودة بينهما ، ولا ينبغي أن تكون روح المقاضاة ، أو التحاكم ، أو التخاصم هي المسيطرة على الحياة الزوجية .
ومن هذا المنطلق ينبغي عليك أنت وزوجك أن تتفاهما في طبيعة المسؤوليات التي تواجهكما ، وما ينبغي على كل طرف أن يتحمله من التضحية حتى تسير مركب الحياة بأسرتكم إلى بر الأمان .
وهذه مقدمة ، من المهم أن نضعها نصب أعيننا قبل النظر في خصوصية المشكلة التي تواجهينها أنت وزوجك .
ثم إذا أتينا إلى سؤالك : فمن المعلوم في الشريعة ، والذي يتوافق مع الفطرة والبديهة ، أن الزوج هو المسؤول ، مسؤولية كاملة ، عن النفقة على بيته ، وتوفير احتياجاته ، وهذا من أصول القوامة للزوج على زوجه ، فيحق لها عليه أن يوفر لها المسكن المناسب لحالها ، واللائق بمثلها ، وهكذا الكسوة والملبس المناسب لها ، وعليه أن يتحمل نفقات الإعاشة لها ولأسرته كاملة ، ولا تلزم هي بشيء من ذلك ، وإن كانت موسرة ذات مال .
وأما أن يلزمها أن تعمل من أجل أن تتحمل نفقات الإعاشة ، أو شيئا منها ، فهذا أبعد من الجواز ، وهو إلزام لها بما لا يلزمها .
وإذا كانت الزوجة قد تطوعت وتحملت شيئا من ذلك ، بعض الوقت ، فليس للزوج مطالبتها بالاستمرار في ذلك ، بل الواجب عليه هو ما دام قد انتهى من دراسته أن يبحث عن عمل ملائم ، يضمن لهما عيشا كريما ملائما لحالهما وحال أسرتهما ، ولو كان ذلك عملا بدوام كامل ، فهذا هو الأصل الذي عليه عمل الناس وعيشهم ، ولو تطلب ذلك التأخر نوعا ما في دراسته ، أو الاستغناء عن الدراسة الإضافية التي يريدها ، فهذا كله مسؤوليته هو ، ينبغي عليه أن ينهض بأعبائها ، ولا يلقيها على أكتاف غيره .
وينظر جواب السؤال رقم (3054)ورقم (126316)
وإذا دار الأمر بين أن تعملي أنت ، أو تنتقل الأسرة إلى شقة أصغر ، كالتي وصفتها ، فالذي نراه لك أن استقرارك في بيتك الصغير ، خير لك من الخروج إلى العمل للعيش في شقة أكبر.
وإذا كانت الإقامة في الشقة الأصغر ، سوف تمكن زوجك من تحمل أعباء الأسرة كاملة ، مع استمراره في الدراسة التي يحتاجها ، فالذي نراه لك أن تتحملي معه هذه الفترة ، وتنتقلي إلى العيش في هذه الشقة ، جمعا بين مصلحتك في ترك العمل الذي يناسبك ، واستقرارك في بتيك ، ومصلحته هو في إنجاز الدراسة التي يحتاجها ، ونهوضه بأعباء أسرته .
لكن - أيتها الأخت الكريمة - كما قلنا لك ، حاولي أن يتم ذلك في جو من التفاهم بينكما ، وأمهلي زوجك وقتا ملائما لتدبير العمل المناسب ، وإذا كان هناك أمل في الجمع بين مصلحة دراسته ، وواجبه نحو أسرته ، فعاونيه على بلوغ ذلك ، ثم ليكن مكانك الحقيقي ، وقرارك : هوبيتك ، ومحضن أولادك ، لتقومي بوظيفتك الحقيقة فيه .
نسأل الله أن ييسر لكما أمركما ، وأن يصلح ذات بينكما .
والله الموفق .
تعليق