الحمد لله.
أولا :
روى البخاري (2729) ومسلم (1504) من حديث عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ) .
وينظر جواب السؤال رقم : (108806) ، ورقم : (144593) .
والذي يظهر أن النظام المذكور في الملكية هو من الشروط
الفاسدة ، لما يترتب عليه من الغرر الكثير [الجهالة] ، وأكل أحدهما لمال صاحبه بغير
حق .
وهذا الخيار ، وبهذه الصورة المطلقة ، يشمل ما إذا كان أحد الزوجين يعمل ويكتسب ،
والآخر لا يعمل أصلا ، ومع ذلك يشتركان في كل كسب يتجدد لهما ، ويلزمان بذلك أيضا ،
وهذا غريب .
وقد تكون هذه الصورة قريبة مما ذكره العلماء من "شركة الأبدان" بأن يشترك اثنان في
العمل بدون مال ، ويكونان شركاء في كل ما يكتسبان .
غير أن الإمام مالك وكذلك أحمد يشترطان اتفاق الصنعة ، وهذا غير موجود في الصورة
المسؤول عنها .
ينظر : "التاج والإكليل" (7/94) ، المغني لابن قدامة (7/111-113) .
ثم إن هذا الشرط الملزم يختلف عن حقيقة عقد الشركة الذي يذكره الفقهاء ، وليس هنا
مجال تفصيل الفرق بينهما ، لكن يكفي أن عقد الشركة هو عقد جائز من الطرفين ، لا
يلزم أي منهما بإنشائه ابتداء ، أو بالاستمرار فيه على وجه الدوام، على تفاصيل لهم
معروفة في ذلك.
ثانيا :
مع بطلان هذا الشرط ، فالنكاح صحيح لا شيء فيه ؛ فإن الشراكة في الذمة المالية ليست
مما يقتضيه عقد النكاح ، ولا مما يلائم مقتضاه ، ولم يرد الشرع بجوازها على هذه
الصورة المشترطة .
ينظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (26/15-16) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" المنصوص عن أحمد في عامة أجوبته أن العقود لا تفسد بفوات الشرط الذي لا ينافي
مقصود العقد ، كما نص في النكاح على أنه لا يفسد بشرط ترك النفقة والقسم ، مع قوله
: إنه ليس بلازم " انتهى من "نظرية العقد" (214-215) .
ثالثا :
إذا كان لقبول مثل هذا الشرط أثر في المهر ، فإنه يلغى ، ويرجع بالمهر إلى مهر
المثل ، يعني أنه بعد إلغاء هذا الشرط الفاسد ، ينظر في المهر ، فإن كانت المرأة
قبلت مهرا أقل من مهر مثلها ، ظنا منها أن هذا الشرط يعوضها النقصان ، فإنه يزاد في
مهرها إلى أن يساوي مهر مثيلاتها من النساء ، إلا أن يتراضيا على بقاء المهر على ما
هو عليه .
وإن كان الرجل قد قبل زيادة في مهرها ، طمعا في أن يجبر هذه الزيادة بما يؤول إليه
من مالها ، فإن هذه الزيادة تلغى مع الشرط الفاسد ، ويرجع بها إلى مهر مثيلاتها ؛
إلا أن يتراضيا على ذلك .
وإذا كانت هناك مشكلة قانونية تمنع من تغيير الشرط
الفاسد ، كما ورد في السؤال ، فالواجب أن يتفق الزوجان فيما بينهما على إلغاء هذا
الشرط ، حتى يتمكنا من تنفيذ ذلك في الأوراق الرسمية .
والله أعلم .
تعليق