الحمد لله.
أولاً :
لا بد أولاً من التحقق من صحة هذا الاتهام وهو استعانة الزوجة الأخرى بالسحرة ، وعملها السحر لزوجها ، وكونها حلفت على التفريق بينك وبين زوجك ، فكثيراً ما يقع هذا الكلام بين الضرائر ، وذلك بسبب شدة الغضب والانفعال ، ولكنه لا يتعدى مرحلة الكلام إلى العمل .
فقد تكون تلك الزوجة بريئة مما تتهم به .
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها طلاق ضرتها ، لتنفرد هي بالزوج .
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا ، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا) رواه البخاري ( 4857 ) - واللفظ له - ومسلم ( 1413 ) .
قال ابن حجر رحمه الله :
فالمراد هنا بالأخت : الأخت في الدِّين ، ويؤيده زيادة ابن حبان في آخره من طريق أبي كثير عن أبي هريرة بلفظ : (لَا تَسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لِتَسْتَفْرِغ صَحْفَتهَا فَإِنَّ الْمُسْلِمَة أُخْت الْمُسْلِمَة) انتهى من " فتح الباري " ( 9 / 220 ) .
وحديث ابن حبَّان – ( 9 / 378 ) - صححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( تحت الحديث 2805 ) .
وقال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله :
في هذا الخبر من الفقه : أنه لا ينبغي أن تسأل المرأةُ زوجَها أن يطلِّق ضرَّتها لتنفرد به ، فإنما لها ما سبق به القدر عليها ، لا ينقصها طلاق ضرتها شيئاً مما جرى به القدر لها ولا يزيدها .
انتهى من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 18 / 165 ) .
وجاء الحديث بلفظ : (أختها) ليثير في المرأة الشفقة والمحبة والعاطفة ، لأن الأخوة تقتضي المحبة والسعي فيما ينفع الأخت ، والبعد عما ضرها .
وإذا كانت الزوجة الأخرى تضر الزوج وتضر الأولاد ، ولا تصلح لأن يبقيها الزوج في عصمته ، فلا حرج على الزوجة الأخرى أن تقدم النصح للزوج بتطليقها .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قوله : ( لا يحل ) ظاهر في تحريم ذلك ، وهو محمول على ما إذا لم يكن هناك سبب يجوِّز ذلك ، كريبة في المرأة لا ينبغي معها أن تستمر في عصمة الزوج ، ويكون ذلك على سبيل النصيحة المحضة انتهى من " فتح الباري " ( 9 / 220 ) .
وانظري جوابي السؤالين : (109128) و (14021) .
فيكون هذا على سبيل النصح فقط ، لا على سبيل الأمر للزوج بذلك ، ولا على سبيل الاشتراط : إما أن تطلقني وإما تطلقها ، فهذا لا يجوز ، لأن الرجل قد يكون له غرض صحيح في إمساكها ، من أجل الأولاد ، أو مراعاة لأصهاره ، أو امتثالاً لأمر الله تعالى : (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/19 .
وقد يمسكها الزوج لعلها تتوب وترجع إلى رشدها ... وغير ذلك من المقاصد .
والقرار في ذلك إنما يكون للزوج ، لا لأحد غيره ، فالزوج فقط هو الذي يحدد ، هل الطلاق أصلح له أم لا .
والله أعلم
تعليق