الاثنين 29 جمادى الآخرة 1446 - 30 ديسمبر 2024
العربية

أسئلة لامرأة نصرانية عن النعوش والتوابيت وهل ثمة جنة خاصة للنساء وعن الأشباح

160776

تاريخ النشر : 28-03-2011

المشاهدات : 13096

السؤال

لديَّ سؤال : هل تستخدمون ( يا مسلمين ) نعوشاً أثناء الجنازة ؟ وإذا كانت الإجابة بالسلب فلماذا ؟ وهل يذهب الناس للجنَّة معاً ؟ أم إنها منفصلة حيث يكون هناك جنَّة للرجال وأخرى للنساء ؟ ( وأنا أحب أن أكون في الجنة مع الشخص الذي أحبه ) . والسؤال الأخير هو : هل تؤمنون بالأشباح ؟ لأني أرى شبحاً ولا أعرف ما معنى هذا ؟ ولم أخبر أي أحد بهذا الشأن .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
سرَّنا تلقينا أسئلتك واستفساراتك فيما يتعلق بديننا من أحكام وعقائد أشكل عليك معرفتها ، ونرجو الله تعالى أن تنتفعي بما نجيبك به .

 

ثانياً:
يستعمل المسلمون " نعشاً " أثناء الجنازة ، وفيه يوضع الميت ، ويُحمل على الأكتاف ، ثم يُخرج الميت منه ليدفن البدن وحده من غير " نعش " أو " تابوت " .
فالنعش في لغة العرب : السرير الذي يُحمل عليه الميت ، والميت : منعوش ، أي : محمول على النعش .
وينظر " لسان العرب " ( 6 / 4473 ) ، " المعجم الوسيط " ( 2 / 934 ) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في جنازة ميمونة رضي الله عنها : هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلَا تُزَعْزِعُوهَا وَلَا تُزَلْزِلُوهَا وَارْفُقُوا .
رواه البخاري ( 4780 ) ومسلم ( 1465 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
" قوله " فإذا رفعتم نعشها " بعين مهملة وشين معجمة : السرير الذي يوضع عليه الميت .
قوله " فلا تزعزعوها " بزاءين معجمتين وعينين مهملتين والزعزعة تحريك الشيء الذي يرفع .
وقوله " ولا تزلزلوها " الزلزلة : الاضطراب .
قوله " وارفقوا " إشارة إلى أن مراده السير الوسط المعتدل ، ويستفاد منه : أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته " . انتهى من " فتح الباري " ( 9 / 113 ) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 149136 ) .

 

وأنتِ تعلمين أن الناس يختلفون في دفن موتاهم باختلاف أديانهم ومذاهبهم ، فالهندوس والبوذيون وعامة الوثنيين يحرقون موتاهم ! ويتم هذا في دول مثل الصين والهند واليابان ! وهو أمر غاية في البشاعة والتحقير للنفس الإنسانية ، وللأسف فقد تبعت طوائف منكم – ونقصد النصارى – أولئك الوثنيين في فعلهم ؛ من أجل التعلق بحطام الدنيا وهو الإبقاء على الأرض لاستثمارها والانتفاع بها ! ونكاية بما كانت تأمر به الكنيسة ، ويتم هذا الأمر المنافي للفطرة والذوق والمروءة والأديان السماوية في دول تزعم أنها متقدمة في الحضارة وتدعي أنها حارسة على حقوق الإنسان ! .
وقد جاء في " الموسوعة العربية العالمية " : " ظل إحراق جثث الموتى غير شائع في البلدان النصرانية حتى القرن التاسع عشر الميلادي ، لكن الاهتمام باستخدام الأرض في المناطق الحضرية وتزايد المعارضة لتعاليم الكنيسة ساعد على إحياء الاهتمام بإحراق جثث الموتى ، وجدير بالذكر أن أول محرقة قانونية لاستخدام الجماهير تم افتتاحها في " ميلانو " بإيطاليا عام 1876م ، وفي الوقت الحاضر يتم التصرف في نحو 50% من المتوفين في أستراليا بإحراق جثثهم ، وفي نحو 70% في المملكة المتحدة ، وحوالي 15% في الولايات المتحدة ، وإحراق جثث الموتى من الممارسات الشائعة في اليابان ، حيث يتم إحراق 95% من جثث الموتى " . انتهى .
فأين ما يفعله المسلمون من إكرام الميت بغسله وتنظيفه وتطييبه والرفق به في الحمل ثم إكرامه بدفنه في مكان طاهر لائق مع الصلاة عليه ، أين هذا كله ممن يحرق جثة قريبه أو زوجته أو فلذة كبده ؟!
وأما دفن الميت في تابوت فخم ، فهو انحراف أيضا ، لكنه في الطرف الآخر ، طرف التعلق بزينة الدنيا وزخرفها ، حتى في مثل هذا الموقف ، وأما الأمر عندنا فمختلف ، فلا يشرع في ديننا تلك المظاهر التي لا قيمة لها ، ولا أثر لها في تكريم الميت ، ولا نفع يعود عليه منها ، بل هي ـ فقط ـ للأحياء ، وليست للأموات ، كما هو الواقع في المساحات الخضراء ، والورود ونحو ذلك مما يجعل بين القبور ، ويفقد الموقف جلاله وهيبته ، ويضعف العظة والاعتبار بالقبر وهيبته .
وليُعلم أن الدفن في التابوت وإن كان حكمه الأصلي عندنا أنه مكروه ، فإن الشرع لا يُمانع من استعماله في الدفن في أحوال معيَّنة ، كأن يكون الميت مقطَّعاً إلى أشلاء أو مهترئاً بحروقات ، كما أجازه بعض الفقهاء في حال أن تكون التربة رخوة غير متماسكة ، وأما في الأصل : فغير جائز استعماله لدفن الموتى ؛ لعدم ثبوت هذه الطريقة في الشرع ، وللبعد عن مشابهة أهل الدنيا.
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
" ولا يستحب الدفن في تابوت ؛ لأنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ، وفيه تشبه بأهل الدنيا ، والأرض أنشف لفضلاته " . انتهى من " المغني " ( 2 / 379 ) .
وللمزيد انظري جواب السؤال رقم ( 34511 ) .
ثالثاً:
أما الجنة ، فليس في اعتقاد المسلمين جنة خاصة بالنساء وأخرى خاصة بالرجال ، وهذا لا يمكن أن يكون لما فيه من فقدان لون من نعيم الجنة الحسي والمعنوي ، فاجتماع شمل الزوج بزوجته ، والأب بأمه ، وهكذا : لون من الراحة والنعيم .
قال تعالى ( وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) الطور/ 21 .
قال ابن عباس رضي الله عنه - في تفسير هذه الآية - : " إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقرَّ بهم عينه " ، وهو أثر صحيح ، له حكم الرفع ، وانظر " السلسلة الصحيحة " ( 2490 ) .
وانظري للمزيد حول هذه المتعة والسعادة في الجنة بلقاء الأهل والأقرباء جواب السؤال رقم ( 107781 ) .
واستمتاع الرجال بالنساء في الجنة هو لون من نعيمها الحسي الذي وعد الله به عباده .
وقد أعدَّ الله تعالى للمسلمات ما تشتهيه أنفسهن وتلذ به أعينهن من النعيم المقيم ، والسعادة الأبدية بكل ما أعدَّه الله تعالى لها في الجنَّة .

ولتعلمي أن نفوس الداخلين في جنة الله تعالى نفوس مهذَّبة منقَّاة ، ولن تكون أحوالهم وأخلاقهم وصفاتهم وطبيعتهم كما هي في الدنيا ، وما كان ممنوعاً منه المسلمون في الدنيا من اختلاط النساء بالرجال فمن أجل دفع الفساد المتوقع بين الطرفين في الدنيا ، وأما دار النعيم في الجنة فلها أحوال تختلف عن أحوال الدنيا .

رابعاً:
أما قولكِ " وأنا أحب أن أكون في الجنَّة مع الشخص الذي أحبه " : فاعلمي أن الشرط الأول لدخول الجنة هو أن يموت الإنسان على دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده جميعا ؛ فقد بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافَّة ، ولا يقبل الله تعالى من أحدٍ بعد بعثته صلى الله عليه وسلم ديناً غير دين الإسلام ، ومن لقي الله تعالى على غير الإسلام فمصيره جهنم خالداً فيها أبداً ، ولسنا نريد غشك ، ولا أن نخفي عليك حقيقة نعلمها من ديننا واضحة وضوح الشمس في النهار ؛ فالأمر جد خطير ، وها نحن نبلغك ما يريد الله تعالى منك وما يأمرك به ، وها نحن نذكر لكِ الوعيد لمن خالف تلك الأوامر فأبى الدخول في الإسلام ، وانتبهي لما نذكره من كلام ربنا جل جلاله ، وأخبار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وافتحي له قلبك ، وفكري فيه بكل جد . قال الله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران/ 85 ، وقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِي وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) رواه مسلم ( 153 ) من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ .
قال النووي – رحمه الله – " وقوله صلى الله عليه وسلم ( لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ) أي : مَن هو موجود في زمني وبعدي إلى يوم القيامة ، فكلهم يجب عليهم الدخول في طاعته ، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهاً على مَن سواهما ؛ وذلك لأن اليهود النصارى لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتاباً فغيرهم ممن لا كتاب له أولى " . انتهى من " شرح مسلم " ( 2 / 188 ) .
واعلمي أن هذا الحكم على من لا يدين بدين الإسلام لا خلاف فيه بين المسلمين ، بل من شكَّ فيه فلا يكون مسلماً لأنه يكون مكذِّباً للقرآن ، وانظري جواب السؤال رقم ( 6688 ) .
وهذه مناسبة أخرى ندعوكِ فيها للتفكر بحالك ومآلك ، وأنه لا منجا لك في الآخرة إلا باعتناق الإسلام ، واعلمي أن عيسى عليه السلام سيتبرأ من كل عبده وادَّعى أنه ليس عبداً لله تعالى ، وأنه عندما ينزل للدنيا فإنه سيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، فكوني من أتباع عيسى وإخوانه الأنبياء والمرسلين ؛ فقد كانوا كلهم موحدِّين لا يشركون بربهم شيئاً ، واشهدي لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ففي ذلك – والله – النجاة في الآخرة من النار وفيها الفوز بالجنة.

خامساً:
أما الأشباح : فالذي عندنا في الشرع إثبات " الجن " ، وهو عالم خاص ، له أحواله وأحكامه ، كما أن عالم الإنس عالم خاص أيضا ، له أحواله وأحكامه .
وربما ظهر الجن في صورة ما ، أو تشكل فظهر لبعض الناس في صورة ظاهرة ، أو صورة غير محققة ، وإنما هي مجرد شبح بعيد لا تبين ملامحه .
ولمعرفة اعتقاد المسلمين في " الجن " والوقوف على بعض صفاتهم وأعمالهم انظري جواب السؤال رقم ( 2340 ) .
وأما ما عدا ذلك ، فلا وجود لشيء يسمى بالأشباح ، وإنما يكون ما خرج منها عن الجن وأحواله ، مجرد خيالات وتوهمات ، وعبث من الجن بعقول ضعفاء الدين والعقل ، ممن تنطلي عليهم ما يرونه في الأفلام وما يقرؤونه في الروايات كمثل روايات " هاري بوتر " .

نسأل الله تعالى أن يهدي قلبك للحق ، وأن يوفقك للسير على دين الفطرة دين الأنبياء والمرسلين الذي ارتضاه الله تعالى لخلقه ، وهو دين التوحيد القائم على إفراد الله تعالى بالألوهية والربوبية ، والقائم على نبذ الوثنية وعبادة الأشخاص والجمادات ، ولن تجدي هذا الآن إلا في دين الإسلام.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب