الحمد لله.
من المعلوم شرعا أن ما ينتشر اليوم من الغناء الماجن ذي الكلمات البعيدة عن الشرع والحياء ، والتصوير المثير للفتنة والمعصية – أن ذلك من المحرمات القطعية ، حتى عند القائلين بإباحة المعازف من العلماء ، فإنهم لم يقولوا بإباحة هذا النوع من الغناء والطرب ، وقد سبق تفصيل الكلام على هذا الموضوع في جواب السؤال رقم : (96219) .
ومع ذلك فالقاعدة الشرعية التي يحكم الله بها بين العباد ، هي قوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة/7-8 .
فالمطرب الذي ينشر في الناس
الغناء المحرم مستحق للإثم على ما يقترف من إفساد في الأمة ، ومعصية الله تعالى ،
ولكنه – مع ذلك - إن قدم خيرا من صيام أو صدقة أو تلاوة للقرآن الكريم فالله عز وجل
لا يضيع أجر من أحسن عملا ، ولا يظلمه عملا قدمه يريد به وجه الله تعالى ، كما قال
سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً
يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/40 .
فإذا كان هذا المطرب مخلصا
لله تعالى في تلك القراءة – وذلك أمر بينه وبين الله – فهذه القراءة من الأعمال
الصالحة التي يأجره الله عليها ، فلا يجوز لنا إنكار هذا العمل عليه ، ولا التشنيع
به ، فضلا عن اتهامه بامتهان القرآن الكريم .
أما إذا كان يقصد من هذا العمل تسويق نفسه حتى يقبل الناس على أغانيه ، فالله تعالى أعلم بنيته ، وسيحاسبه على عمله ونيته جميعا .
ولعل قراءته للقرآن الكريم
تكون سببا لتأثره بالقرآن فيتوب إلى الله ويترك الغناء .
وإذا كان الإنسان عاصيا فليس معنى ذلك أن نمنعه من الطاعة ، أو أن نعتبر فعله
للطاعة امتهانا للدين ، بل ينبغي أن يشجع كل إنسان على طاعة الله ويُحذَّر من
معصيته ، حتى العاصي فإنه يشجع على طاعة الله ، فإنه إذا أخلص فيها لله تعالى فلا
شك أنها تنفعه في الدنيا والآخرة ، وقد تكون سببا في هدايته .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (1377) ، (9330) .
والله أعلم .
تعليق