الحمد لله.
أولا :
العقيقة سنة مستحبة وليست بواجبة على المكلفين ، فمن امتثل هذه السنة ناله من الأجر والفضل ، ومن لم يمتثلها فقد قصَّر ولكنه لا يستحق الإثم ، وإلى ذلك ذهب جمهور أهل العلم كما سبق بيانه في الأجوبة رقم : (162021) ، (20018) ، (38197)
ثانيا :
الأصل أن العقيقة مشروعة في مال والد المولود ، وليس في مال أمه ، ولا في مال المولود نفسه ، إذ الأب هو المخاطب الأول في الأحاديث الواردة في مشروعية العقيقة .
ولكن الفقهاء قالوا : يجوز لغير الأب أن يعق عن المولود في الحالات الآتية :
1- إذا قصر الأب وامتنع عن ذبح العقيقة .
2- أو إذا استأذن من الأب أن ينوب عنه في ذبح العقيقة فأذن له .
واستدلوا على ذلك بما ثبت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ ) رواه النسائي (رقم/4219) وصححه الألباني في " صحيح النسائي "
قالوا : فتولي النبي صلى الله عليه وسلم العقيقة عن حفيده الحسن والحسين رضي الله عنهما دليل على جواز تولي العقيقة قريب غير الأب إذا كان بإذنه ورضاه .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله – في شرح حديث ( كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ ، وَيُحْلَقُ ، وَيُسَمَّى ) رواه أبو داود (3838) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " - :
" قوله : ( يذبح ) بالضم على البناء للمجهول ، فيه أنه لا يتعين الذابح ، وعند الشافعية يتعين من تلزمه نفقة المولود ، وعن الحنابلة يتعين الأب إلا أن تعذر بموت أو امتناع .
قال الرافعي: وكأن الحديث أنه صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين مؤول .
قال النووي : يحتمل أن يكون أبواه حينئذ كانا معسرين أو تبرع بإذن الأب ، أو قوله : " عق " أي : أمر ، أو هو من خصائصه صلى الله عليه وسلم ، كما ضحى عمن لم يضح من أمته ، وقد عده بعضهم من خصائصه " انتهى من " فتح الباري " (9/595)
والحاصل :
أنه لا يجب على الوالدة أن تذبح العقيقة عن المولود ، وإنما يستحب لها ذلك في حالة امتناع الأب عنها ، أو في حالة تعذر ذبح الوالد بسبب بعده أو جهله بالولادة ونحو ذلك ، والله عز وجل يكتب لها الأجر والثواب .
يرجى مراجعة الجواب رقم : (71161)
ثالثا :
أما الأذان في أذن المولود فلم يصح فيه حديث ، وقد قال بعض الفقهاء باستحباب ذلك . وقد سبق بيان ذلك في الجواب رقم : (136088) .
وقد نص الإمام مالك رحمه الله على عدم استحباب هذا الفعل .
وإذا قلنا بمشروعية الأذان في أذن المولود ، كما ذهب
إليه الشافعية وغيرهم ؛ فأظهر القولين ـ إن شاء الله ـ أنه يجوز للمرأة ، أمه أو
غيرها من المسلمات ، أن تقوم بذلك خلافا لمن اشترط من أهل العلم أن يقوم بذلك رجل ،
كما هو الحال في الأذان للصلاة .
قال الشبراملسي الشافعي رحمه الله :
" قوله : ( ويسن أن يؤذن ) أي : ولو من امرأة ؛ لأن هذا ليس الأذان الذي هو من
وظيفة الرجال ، بل المقصود به مجرد الذكر للتبرك " انتهى من حاشيته على " نهاية
المحتاج " (8/149)
وهو الذي " وقع في حاشية الشوبري على المنهج أنه لا يشترط في الأذان في أذن المولود
الذكورة ، ويوافقه ما استظهره بعض المشايخ من أنه تحصل السنة بأذان القابلة في أذن
المولود " انتهى من حاشية الطبلاوي على " تحفة المحتاج " (1/461)
والله أعلم .
تعليق