الحمد لله.
أولاً :
لا بد من التفريق بين نوعين من العلمليات الجراحية ، (تصحيح الجنس ، وتغيير الجنس) ، فإن بينهما فرقاً كبيراً ، يترتب عليه اختلاف في الأحكام الشرعية .
أما الأولى : فهي عملية " تصحيح الجنس" ، وتكون للأشخاص الذين لديهم خلل في الغدد الجنسية ، مما يترتب عليه وجود إنسان مشتبه بين الذكر والأنثى ، وهو ما يعرف عند الفقهاء بالخنثى ، وتكون أعضاؤه الجنسية غامضة ، والجهاز التناسلي وسطاً بين الرجولة والأنوثة .
فتجرى له عملية جراحية لتثبيت جنسه الحقيقي والصحيح ، فإن الله خلق البشر جنسين لا ثالث لهما : ذكراً ، وأنثى .
قال الكاسائي : " الشَّخْصُ الوَاحد لَا يَكُونُ ذَكَرًا وَأُنْثَى حَقِيقَةً ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أُنْثَى ". انتهى من " بدائع الصنائع (7/327) .
فهو وإن اشتبه علينا ، فإنه في حقيقة الأمر إما ذكر أو أنثى ، وهذه العملية تكشف واقع حاله ، ويراعي فيها ما هو أقرب إليه من الذكورة والأنوثة .
وقد صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء ، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ، بجواز إجراء عمليات تصحيح الجنس .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي : " من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال ، فينظر فيه إلى الغالب من حاله ؛ فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبياً بما يزيل الاشتباه في ذكورته ، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة جاز علاجه طبياً بما يزيل الاشتباه في أنوثته ، سواء أكان العلاج بالجراحة أو بالهرمونات ؛ لأن هذا مرض ، والعلاج يقصد به الشفاء منه ، وليس تغييرا لخلق الله عز وجل ". انتهى من " قرارات مجمع الفقه الإسلامي" صـ97
أما العملية الثانية : فهي عملية " تغيير الجنس" ، وهي
عملية يتم فيها تبديل الذكر إلى أنثى ، والأنثى إلى ذكر ، عن طريق عمليات جراحية
يتم فيها تغيير الأعضاء الظاهرية لتشبه الأعضاء الظاهرية للجنس الآخر.
وفي هذه الحالة يكون الشخص طبيعياً من حيث الأعضاء الجنسية الداخلية والخارجية ،
وليس هناك مبرر ومسوغ طبي لهذه العملية سوى الرغبة في التغيير .
وهذا النوع من العمليات فيه تلاعب بخلقة الله ، واتباع لسبيل الشيطان الذي أخذ
العهد على نفسه بإضلال بني آدم .
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: " الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته ، والأنثى
التي كملت أعضاء أنوثتها ، لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر ، ومحاولة التحويل
جريمة يستحق فاعلها العقوبة ؛ لأنه تغيير لخلق الله ، وقد حرم الله سبحانه هذا
التغيير بقوله تعالى مخبرا عن قول الشيطان : ( وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ
خَلْقَ اللَّهِ ) ". انتهى قرارات مجمع الفقه الإسلامي صـ97
وقد سبق بيان تحريم هذا الأمر في جواب السؤال (138451)
، (34553) .
ثانياً :
إذا كانت العملية الجراحية التي خضعت لها صديقتك ، من النوع الأول ، أي عملية "
تصحيح جنس " ، فهو عمل جائز ، وتنطبق عليها أحكام الجنس الذي تحولت إليه ، فتعامل
الآن على أنها ذكر ، يجوز لها ما يجوز للرجال ، ويحرم عليها ما يحرم على الرجال .
وأما إن كانت عملية " تحويل جنس " ، فهو أمر محرم لا تقره الشريعة ، ولا يترتب على
هذا التغيير تغير في الأحكام الشرعية المتعلقة بها ، فهي لا تزال أنثى ، وتتعلق بها
الأحكام المتعلقة بالنساء ، فيباح لها ما يباح لهن ، ويحرم عليها ما يحرم على
النساء .
والله أعلم .
تعليق