الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

أصابه الشك والحيرة بسبب اطلاعه على أشخاص يدعون رؤية عيسى في المنام يقول أنا الرب

165025

تاريخ النشر : 12-04-2011

المشاهدات : 12252

السؤال

أرسل لي أحد الأصدقاء رابطاً فيه بعض المسلمين من بلدان مختلفة ..الخ يذكرون أنهم رأوا عيسى عليه السلام في المنام يقول لهم : أنا الرب..! فما تفسير ذلك؟ لقد أربكني هذا الأمر وأريد أن أبين لهذا الصديق بطلان مثل هذه الخرافات وأنها أحلاماً شيطانية وليست رؤىً..فما السبيل الى ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.


إنا لله وإنا إليه راجعون !!
ما أسرع هلكة الناس ، وما أعجب ما ييستهويهم به الشيطان ؟!
ألهذا الحد ضعف الدين في القلوب ، وطاشت الأحلام والعقول ، حتى يتلعب بهم الشيطان كل ذلك التلاعب ، ويضلهم عن الطريق بأيسر عارض ، وأتفه شبهة ؟!!
أرأيت ـ يا عبد الله ـ لو قد جاءك شخص في اليقظة ، وقال لك إنه هو المسيح عيسى ابن مريم ، وإنه ابن الله ، أو ثالث ثلاثة ، أو أنه الرب ، أو ... ؛ أكان الناس يصدقونه ، ويتبعونه ، لمجرد أنه قال ذلك ؟!
إذا ما أسهل ما يضل به الدجال خلق الله وعباده ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سوف يدعي الألوهية ، رغم وجود العلامة الظاهرة البينة في شكله وصورته ، والتي تدل على كذبه :
روى البخاري (4403) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ في شأن الدجال : ( وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ ، فَمَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ ، فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ، ثَلَاثًا ؛ إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ) .
ومعنى الحديث : أنه إذا خفي عليكم شيء من شأن الدجال أو صفاته ، فشأن الله جل جلاله ، وصفاته لا تخفى عليكم ، وصفة الدجال بينة أمام أعينكم أنه أعور ، والله جل جلاله منزه عن العور .
فيقال هنا أيضا :
هب أنه خفي عليكم شيء من أمر الرؤيا ، ولم تعلموا ما حقيقة ذلك ، فهل يخفى على مسلم أن عيسى عليه السلام مخلوق ، والله هو الخالق ، وهل يخفى على مسلم أن عيسى له أم ، والله جل جلاله أحد صمد .
إذا خفي عليكم شيء من ذلك ، فهل يخفى عليكم سورة الإخلاص :
( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) .
أما سمعت قول الله جل جلاله :
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) المائدة/17
أما سمعت قول الله جل جلاله :
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المائدة72-75
أما سمعت قول الله جل جلاله :
( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا * لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) النساء/171-173
والآيات والنصوص في ذلك كثيرة ، يا عبد الله !!
ولأجل ذلك ، يسأل الله يوم القيامة عبده ونبيه عيسى ابن مريم عليه السلام ، ليظهر براءته من شرك المشركين ، وكذب الكاذبين :
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) المائدة/116-120 .
إن آية واحدة من ذلك كله ، تكفيك لتقول لمن رأى ذلك المنام :
إنه واحد من اثنين :
جاهل ، لبس عليه الشيطان أمره ، ليهز يقينه ، ويفسد عليه دينه !!
أو كاذب ، يحدث عن شيء لم يكن ، ولم يقع !!
إنه لو رأى ذلك في يقظته ، غير نائم ، ولا حالم : لكان ينبغي أن يرد على قائله بأنه كاذب ؛ فلن يرى أحد ربنا حتى نموت ، والمسيح عيسى ابن مريم منزه عن الكذب على ربه ، حاشاه ، وقد سبق بيان براءته من ذلك .
فكيف إذا رآه وهو نائم يهذي ، تمثل له الشيطان ، ولبس عليه أمره ؟!!
نسأل الله جل جلاله أن يعصمنا من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب