الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

تقرضهم الوزارة قرضاً بشرط شراء شيء معين ، فهل يجوز صرفه في شيء آخر؟

165111

تاريخ النشر : 26-09-2011

المشاهدات : 6889

السؤال


أصدرت وزارة التربية في بلدنا قراراً يستحق بموجبه المدرس قرض بدون فائدة أسموها سلفة ، بشرط أن يشتري المدرس بهذا القرض حاسب محمول ، وعليه أن يرفق مع الأوراق فاتورة أنه اشترى حاسب بالفعل , ويتم سداد هذا القرض على أقساط لمدة عشرين شهر, فهل يجوز أن آخذ هذا القرض ولا أشتري به حاسب ؟ , بل أصرفه في أي وجه من وجوه الحياة , وهل يجوز لي كصاحب محل أن أعطي فواتير وهمية لبعض المدرسين لكي يأخذ القرض من باب المساعدة لا أكثر ؟ .

الجواب

الحمد لله.


الواجب على المسلم أن يفي بوعده وأن يتجنب نقض العهود والمواثيق , فقد قال الله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1 ، وقال سبحانه (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء/34 .
وعليه : فيلزم هؤلاء المدرسين أن يلتزموا بما اشترطته عليهم الوزارة ولا يجوز لهم أخذ السلفة ثم مخالفة الشرط ؛ لأن هذا الشرط صحيح , والشروط الصحيحة يجب الوفاء بها ؛ لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) , وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد صرح أهل العلم أن الأصل في الشروط الصحة والإباحة ما لم يقم الدليل على المنع .
يقول ابن القيم في إعلام الموقعين (1 / 259) : " وَأَمَّا الْعُقُودُ وَالشُّرُوطُ وَالْمُعَامَلَاتُ فَهِيَ عَفْوٌ حَتَّى يُحَرِّمَهَا ،........ فَكُلُّ شَرْطٍ وَعَقْدٍ وَمُعَامَلَةٍ سَكَتَ عَنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهَا، فَإِنَّهُ سَكَتَ عَنْهَا رَحْمَةً مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ وَإِهْمَالٍ، فَكَيْفَ وَقَدْ صَرَّحَتْ النُّصُوصُ بِأَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ فِيمَا عَدَا مَا حَرَّمَهُ؟ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ كُلِّهَا، فَقَالَ – تَعَالَى) -: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ) الإسراء/ 34 ، وَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة / 1، وَقَالَ:( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) المؤمنون / 8 ، وَقَالَ - تَعَالَى -: ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) البقرة / 177 ، وَقَالَ - تَعَالَى -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) الصف/ 2- 3 ، وَقَالَ: ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) آل عمران/ 76 ، وَقَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) الأنفال/ 58 ، وَهَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ" انتهى.
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (9 / 29): "والأصل في الشروط الحل والصحة إلا ما قام الدليل على منعه " انتهى.
ويقول أيضا "فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواءً في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف، وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة / 1 ، فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد" انتهى من الشرح الممتع (12 / 164) .

وإذا ثبت عدم جواز مخالفة هذا الشرط ، فلا يجوز حينئذ لأصحاب المحلات أن يعطوا فواتير وهمية تفيد الشراء في حين أنه لم يحصل شراء أصلا ؛ لأن هذا من باب الكذب والتدليس والتعاون على الإثم والعدوان وكل هذا حرام.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب