الحمد لله.
إنه ليحزننا أن نسمع أو نقرأ مثل هذه الحكايات ، فالذي من المفترض أن يكون حامياً لعرضه باذلاً الغالي والنفيس للدفاع عنه نراه هو من ينتهكه ! وهذا الفعل غاية في الفحش والإثم ، وإذا كان التحرش بالأجنبية محرَّماً مجرَّماً فالتحرش بالابنة أشد تحريماً وأشد تجريماً ، ولذا فلا ينبغي السكوت عليه من قبَل الابنة ولا من قبل أمها .
وقد ذكر الفقهاء أن المَحْرَم الذي يكون له مثل أقل من هذه الأفعال فإنه يعامل معاملة الأجنبي من الرجال ، وهذا الفعل الخسيس من الأب أولى وأحرى أن يكون سبباً ليُتعامل معه بصفته رجلاً أجنبيّاً ، فلا تمكنه من النظر إليها ولا تجعله يختلي بها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
"وقد اتفق العلماء على تحريم النظر إلى الأجنبية وذوات المحارم بشهوة "انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 15 / 415 ) .
وقال ابن عبد البر – رحمه الله - :
"ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمِّه أو أخته ، وزمنه خير من زمننا هذا
، وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرم نظر شهوة يرددها " انتهى من" الاستذكار " ( 8 / 388 ) .
وقال – رحمه الله – أيضاً - :
"وأجمعوا أنه لا يجوز أن ينظر أحد إلى ذات محرم منه نظر شهوة ، وأن ذلك حرام عليه ، والله يعلم المفسد من المصلح ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور "انتهى من" الاستذكار " ( 8 / 432 ) .
وإذا كان هذا هو حكم النظر إلى ذات المحرم بشهوة ، فكيف ما هو أكثر من ذلك كالتحرش بها لمساً وتقبيلاً وغير ذلك ؟! .
وعليه :
فالمطلوب فعله من الأم أن تعظ زوجها وتنصحه وتخوفه بالله تعالى ربِّه أن يكفَّ عن
فعله المشين وأن يحفظ عرضه لا أن ينتهكه ، فإن استجاب واستقام وندم على ما فات :
فهذا هو المطلوب ، على أن لا يوثق به مباشرة بل يكون هناك فترة يراقب فيها ، ليُعرف
صدقه ، واستقامته .
وإذا لم يتب ولم ينته عن فعله القبيح ذاك : فلا يجوز للابنة البقاء في البيت ،
وعليها أن تغادره إلى مكان يكون آمناً لعرضها ، كبيت أخيها أو أختها أو قريب لها من
محرمها ، على أن تُحسن اختيار المكان ليكون بالفعل آمناً لها على عرضها ، ونرى أن
يُستر على فعل أبيها معها فلا يقال عن فعله لأحدٍ حتى يُعطى فرصة للتوبة الصادقة ،
وحتى لا يتسبب لها ذلك بالطعن في عرضها واتهامها بما ليس فيها ، إلا إن عرف له أخ
أو قريب عاقل حكيم له عليه تأثير فيمكن أن يُخبر لكي ينصحه أو يعنفه ، على أن يلتزم
هذا القريب بالستر على الابنة ، وإذا سأل أحد عن سبب خروجها من بيت أبيها فلا بأس
أن يقال إنه ثمة خصومة بين الابنة وأبيها ، ويستمر ذلك الابتعاد حتى يقضي الله
خيراً إما بتوبته فترجع لبيت أبيها أو تتزوج فتنتقل لبيت زوجها .
والله أعلم
تعليق