الحمد لله.
أولاً :
يجوز شراء الشقق السكنية قبل بنائها أو قبل إتمام بنائها بشرط أن يكون الشراء على صفة معلومة ترفع الجهالة ، وذلك بأن يعلم المشتري موقعها ومساحتها وتقسيمها وحدودها ، وكل ما يتضمنه العقد من حيث التشطيبات وغيرها ، والقصد من ذلك ألا يقع نزاع بين المشتري والبائع عند التسليم .
ويسمى هذا " عقد استصناع " ، ويشترط فيه العلم بمواصفات المعقود عليه ، وأن يكون محدد الوقت للتسليم ، ولا مانع من تقسيط المبلغ على حسب ما يتفق عليه البائع والمشتري ، ويجوز للمشتري وضع شرط جزائي في حال تأخر البائع تسليمه الشقة ، كما له أن يخصم عليه من الثمن بمقدار إخلاله بالمواصفات المطلوبة ، ويتم تقدير ذلك بالرجوع إلى أهل الخبرة .
ثانياً :
لا يجوز للمشتري ولا البائع أن يتعامل مع البنوك أو المؤسسات التي تقوم بدفع الثمن كاملاً أو جزء منه للبائع ، ويقوم المشتري بتقسيطه - مع زيادة - للبنك ، أو للمؤسسة الربوية ، وهذا هو عين الربا الذي جاءت النصوص بتحريمه .
فكثير من التجار – للأسف – يتعاملون مع البنوك معاملة ربوية فيبيعون كمبيالات زبائنهم للبنوك الربوية تعجيلاً في قبض المال المؤجل ، ويكون ذلك بأقل من قيمتها – بالطبع - ، وإذا تمت هذه المعاملة بين البائع والبنك مع غير أن يكون المشتري طرفاً فيها ، فلا حرج على المشتري حينئذ ، والإثم يقع على البنك الذي هو آكل الربا ، والبائع الذي هو مؤكله ، وكلاهما ملعون على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم .
لكنك ذكرت أن القرض يتم من البنك باسم المتقدم للشراء ، فيكون المشتري أيضاً شريكاً في هذه المعاملة الربوية .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
اشترى رجل بضاعة من بائع ، واتفق معه على مدة للأداء شهر أو شهرين ، ووقع المشتري للبائع ورقة تسمى : ( كمبيالة ) يعين فيها ثمن الشراء ووقت الأداء واسم المشتري ، وبعد ذلك يبيع البائع الكمبيالة للبنك ، ويسدد البنك قيمة ( الكمبيالة ) مقابل ربح يأخذه من البائع ، فهل هذا حلال أو حرام ؟ .
فأجابوا :
"شراء بضاعة لأجل معلوم بثمن معلوم : جائز ، وكتابة الثمن مطلوبة شرعاً ؛ لعموم قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) الآية ، أما بيع الكمبيالة للبنك بفائدة يدفعها البائع للبنك مقابل تسديده المبلغ للبائع ، ويتولى البنك استيفاء ما في الكمبيالة من مشتري البضاعة : فحرام ؛ لأنه ربا" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 370 ، 371 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
"إذا كان البنك يشتري السيارة من مالكها ثم يبيعها عليك ، بعدما يشتريها ويقبضها ، فإنه لا حرج في ذلك ، ولو كان بأكثر مما اشتراها به .
أما إذا كان الذي يبيعها عليك مالكها الأول ، والبنك يقوم بدفع القيمة له ، ويقوم البنك بأخذ الربح مقابل ذلك ، فإنه لا يجوز ؛ لأنه بيع الدراهم بدراهم ، وهو محرم ، لأنه ربا" انتهى .
" فتاوى البيوع " ( 25 ) .
ثالثاً :
يجوز لك أن تشتري ما اشتراه غيرك عن طريق البنوك الربوية ، والأفضل لك في هذه الحال أن تشتري منه بعد أن ينتهي البائع من علاقته مع البنك .
رابعاً :
الذي نعرفه من هذه المعاملات أن الشقة تكون مرهونة حتى يتم سداد ثمنها بالكامل ، ويستطيع البنك الاستيلاء عليها في حال تأخر المشتري في دفع أقساطها ، ولعل هذا هو المراد بقولك في السؤال : إن الشقة لا تكون ملكاً للمشتري حتى يسدد قيمتها .
فإذا كان الأمر كذلك فإن الشيء المرهون لا يصح بيعه ، وشراؤك له في هذه الحالة فيه مخاطرة ، لأن البنك له الاستيلاء على الشقة في حال التأخر في دفع الأقساط .
والله أعلم
تعليق