الحمد لله.
أولاً:
لا يكتب الله تعالى النجاح لكل زواج ، بل منه ما هو الناجح ومنه ما هو ليس كذلك ، وقد يَحصل أن يَحكم أحد الزوجين – أو كلاهما – على زواجه بالفشل لكنَّهما يصبران على الفراق وإنهاء الحياة الزوجية بمزيد من الصبر والتحمل والعلاج لأسباب الشقاق والنزاع ، وكثيراً ما يُكتب لهذا الزواج أن يستمر بعد أن مرَّ بعقبات كادت أن تقضي على حياتهما الزوجية ، وقد كثرت التوجيهات القرآنية والنبوية لكلا الزوجين بالعشرة الحسنة ، وبطريقة علاج ما يحصل من نشوز زوجة بوعظ أو هجر أو ضرب غير مبرح ، أو نشوز زوج بأن يَحكم بين الزوجين حكم من أهله وحكم من أهلها ، وبالوصية للزوج بالصبر على زوجته وأنه إن رأى منها يكره فإن فيها من الصفات الكثيرة ما يرضاها منها ، وهكذا في قائمة من وصايا كثيرة ومتنوعة تدفع الخلاف والشقاق أن يقع ، وترفعه بعد وقوعه .
روى مسلم في صحيحه ( 1469) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَر) .
وقال عمر رضي الله عنه لرجل همّ بطلاق امرأته: لم تطلقها ؟
قال: لا أحبّها .
قال: أوكل البيوت بنيت على الحب ، وأين الرعاية والتذّمم ؟!! [ عيون الأخبار 3/18] .
فبالرعاية يتراحم أهل البيت فيما بينهم ، ويعرف كل واحد منهم واجبه تجاه الآخر ،
وبالتذمم ، وهو التحرج ، يحاذر كل واحد أن يفترق الطريق عنده ، أو يتشتت الشمل على يديه .
ثانياً:
إذا رأيتِ – أيتها الأخت السائلة – أن وسائل إصلاح الحياة الزوجية بينك وبين زوجكِ
قد استُنفدت ، وأنه لا مجال للصبر لإصلاح ما بينكما : فإن العلاج الشرعي لمشكلتكما
هو الفراق بالطلاق ، فحيث لم يحصل الإمساك بالمعروف فليس إلا التسريح بإحسان ،
والمرجو بعد حصول الفراق بينكما أن يغني الله كلاًّ من سَعته ، فتجدين من هو خير
منه لك ، ويجد من هي خير منكِ له ، وهذا الفراق خير – ولا شك – من عشرة السوء التي
لا تثمر إلا أمراضاً للنفس والبدن ، ومخالفات للشرع ، كما حصل معك من انجذابكِ لرجل
أجنبي عنكِ ! وهو أمر جلل له عواقبه الوخيمة وآثارة السيئة الجسيمة ، وقد يكون حصل
من زوجك الأمر نفسه من انجذابه لامرأة أجنبية عنه ، ولذا فإن الواجب اتخاذ القرار
الأنسب لحياتكما الزوجة .
على أننا ننبهك إلى أنه لا يحل لك الاستمرار في هذه العلاقة مع رجل أجنبي ، أيا كان
مستوى هذه العلاقة ، ولا يحل لكما أن تتواعدا على الزواج من الآن ؛ بل الواجب عليك
أن تقطعي علاقتك به تماما ، دون تواعد أو انتظار لأمر آخر ، وربما كانت هذه العلاقة
ـ كما ذكرنا ـ من أسباب الشقاق بينكما ؛ فإذا قطعت هذه العلاقة ، ثم بدا لك ـ بعد
ذلك ـ أن الخير لكما في الفراق ، فأنتما أبصر بشأنكما ، ثم بعد ذلك يقضي الله من
أمره ما يشاء .
وإذا أمكن أن يتدخل بينكما بعض أهل الصلاح والدين في المكان الذي تعيشان فيه ، لينظر في المشكلة بينكما عن قرب ، ويرى الحل الأنسب لكما : فلعل ذلك أن يكون أفضل ، وأقرب إلى الوقوف على حقائق الأمور .
نسأل الله تعالى أن يجمع بينكِ وبين زوجك على خير وأن
ييسر لكما الخير حيث كان .
ونوصيك بالرجوع إلى أجوبة الأسئلة :
( 45520 ) وهو حول شعور الزوجة
بالانجذاب لرجل أجنبي عنها وهي ذات زوج .
( 101423 ) وفيه بيان ما تفعله
الزوجة إذا كانت لا تحب زوجها ولا تجد معه السعادة .
( 102637 ) وهو في زوج صاحب دين
يحب زوجته ولكن هي لا تنجذب إليه .
والله أعلم
تعليق