الحمد لله.
أولاً :
الواجب على المرأة بعد وفاة زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام من حين الوفاة ، إن لم تكن حاملاً ؛ لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) البقرة/234 .
فإن كانت حاملاً فعدتها تنقضي بوضع حملها ؛ لقوله تعالى : ( وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق/4 .
فإن نكحت في أثناء العدة ، فنكاحها باطل بإجماع العلماء ، ووجب التفريق بينهما .
قال ابن قدامة رحمه الله : "المعتدة لا يجوز لها أن
تنكح في عدتها ، إجماعاً ، أي عدة كانت ; لقول الله تعالى : (وَلَا تَعْزِمُوا
عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) .. وإن تزوجت ، فالنكاح
باطل " انتهى من "المغني" (8/100) .
فيجب التفريق بينها وبين زوجها الثاني ، ثم تكمل عدتها
من الأول ، ثم إذا فرغت من عدة الأول جاز للثاني أن يعقد عليها عقداً جديداً .
قال ابن قدامة رحمه الله : "إذا ثبت هذا, فعليه
فراقها, فإن لم يفعل, وجب التفريق بينهما, فإن فارقها أو فرق بينهما, وجب عليها أن
تكمل عدة الأول; لأن حقه أسبق, وعدته وجبت عن وطء في نكاح صحيح, فإذا أكملت عدة
الأول, وجب عليها أن تعتد من الثاني, ولا تتداخل العدتان; لأنهما من رجلين. وهذا
مذهب الشافعي...؛ ثم ذكر هذا القول عن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب رضي الله
عنهما ثم قال : وهذان قولا سيدين من الخلفاء لم يعرف لهما في الصحابة مخالف,
ولأنهما حقان مقصودان لآدميين , فلم يتداخلا" انتهى من "المغني" (8/101) .
ثم بعد انتهاء عدتها من الأول للثاني أن يعقد عليها ،
بمجرد انتهاء عدتها من الأول .
قال ابن قدامة رحمه الله : "قال الشافعي في الجديد :
له نكاحها بعد قضاء عدة الأول, ولا يمنع من نكاحها في عدتها منه ؛ [يعني : من
الثاني] لأن العدة إنما شرعت حفظاً للنسب, وصيانة للماء, والنسب لاحق به هاهنا,
فأشبه ما لو خالعها ثم نكحها في عدتها, وهذا حسن موافق للنظر..." انتهى من "المغني"
(8/100) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"ومن حيث القواعد : الراجح : أنها تحل له بعقد بعد انقضاء عدة الأول، لا سيما إذا
تاب إلى الله عز وجل وأناب؛ لأن العدة له" انتهى من "الشرح الممتع" (13/383) .
ثانياً :
هذا النكاح وإن كان باطلاً، إلا أن أولاده لاحقون به لوجود شبهة النكاح، وهو الجهل
بالحكم الشرعي.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا تزوج معتدة, وهما عالمان بالعدة, وتحريم النكاح
فيها, ووطئها, فهما زانيان, عليهما حد الزنا, ولا مهر لها, ولا يلحقه النسب. وإن
كانا جاهلين بالعدة, أو بالتحريم, ثبت النسب, وانتفى الحد, ووجب المهر" انتهى من
"المغني" (8/103) .
والله أعلم
تعليق