الحمد لله.
أولاً:
الأسباب التي يتوارث بها الورثة ثلاثة : نسب ( رحم ) ، ونكاح ، وولاء ، وموانع الإرث ثلاثة : الرق ، والقتل ، واختلاف الدِّين ، فهروب أختكم من بيت الأسرة لا يغيِّر من حال كونها ابنة لوالديك وهذا يجعلها من الرحم التي تستحق به الميراث منهما إذا لم يقع منها ردة عن الدِّين .
وهروبها من بيت أسرتها لا يمنعها حقها من ميراث والدك ولو طال أمد بُعدها عن بيت والديها ، لا نعلم في ذلك خلافاً .
ثانياً:
زواج المسلمة من غير مسلم من كبائر الذنوب ، وهو مجمع على تحريمه وبطلان عقد زواجها
، قال الله تعالى ( وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ
مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ) البقرة/ 221 ، وقال تعالى (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ
مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا
هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/ 10 .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - : " تزوج رجل بامرأة مسلمة ثم ظهر أن
الرجل كافر ، فما الحكم ؟ .
فأجاب :
إذا ثبت أن الرجل المذكور حين عقد النكاح كان كافراً والمرأة مسلمة : فإن العقد
يكون باطلاً ؛ لأنه لا يجوز بإجماع المسلمين نكاح الكافر للمسلمة ؛ لقوله الله -
سبحانه – ( وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ) وقوله - عز وجل –
( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا
هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الآية " انتهى من " فتاوى
إسلامية " ( 3 / 230 ) .
وجاء في قرار " المجمع الفقهي الإسلامي " : " إن تزويج الكافر بالمسلمة حرام لا
يجوز باتفاق أهل العلم ، ولا شك في ذلك ؛ لما تقتضيه نصوص الشريعة ... " انتهى من "
فتاوى إسلامية " ( 3 / 231 ) .
ومن علم ذلك من نساء
المسلمين استحقت الإثم واستحقت إقامة حد الزنا عليها ، ومن كانت تجهل هذا الحكم
ارتفع عنها الإثم ولا يحل لها البقاء على عقد الزوجية ؛ إذ هو غير نافذ أصلاً.
ولينظر جواب السؤال رقم ( 8396 ) .
ثالثا :
يظهر في سؤالك أن أختك لم تعلن الارتداد عن الإسلام ، ويبقى النظر في زواجها من غير
المسلم وفي قولها : إن لأطفالها حرية الاختيار بين الإسلام والمسيحية ، فنقول :
1- قد تبين أن زواجها من نصراني زواج محرم باطل ، فإن فعلت ذلك مستحلة له مع علمها
بتحريمها ، فهذه ردة عن الإسلام ، والمرتد لا يرث من قريبه المسلم ، وإن لم تكن
مستحلة له فهي آثمة كما سبق ، ولا يمنعها ذلك من الميراث .
2- وأما قولها : إن لأطفالها حرية الاختيار بين الإسلام والمسيحية ، فهذا قول باطل
، ومنكر عظيم ، فإن الإسلام هو الدين الحق الذي لا يصح ولا يقبل من أحد سواه .
وليعلم أن من نواقض الإسلام وموجبات الردة : عدم تكفير أهل الكتاب والمشركين ، أو
الشك في كفرهم ، أو تصحيح دينهم ، وينظر جواب السؤال رقم (
31807 ) ، ورقم (
6688 )
فالواجب نصح هذه الأخت ، وبيان عظم ما تكلمت به ، ودعوتها إلى مفارقة زوجها ما لم
يسلم .
وحاصل الكلام في إرثها : أنها إن كانت مقيمة على الإسلام ، غير مستحلة لزواجها الذي
تعلم بطلانه ، ولا مصححة لدين النصارى أو شاكة في كفرهم ، فلها الميراث ، وإن كانت
على شيء من هذه النواقض ، فيجب نصحها واستتابتها من قبل أهل العلم في بلدكم ، فإن
تابت وإلا فهي مرتدة ، ولا إرث لها من والدك .
والله أعلم
تعليق