الحمد لله.
الربا جرم عظيم ، وذنب كبير ، وقد جاء فيه من الوعيد الشديد ما هو معروف مشهور ، ومن ذلك : لعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه ، كما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ . وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ .
ولعن الكاتب والشاهد يدل على تحريم الإعانة على الربا بأي وجه من الوجوه .
فمن يعمل في صيانة الأجهزة التي يتم بها تسجيل الربا وتنفيذه ، لا شك أنه معين على الربا .
والعامل في البنك الذي يحمل أوراق الربا ، وينقلها من موظف إلى آخر ، لاشك في كونه معينا على الحرام .
وأما ساعي البريد ، فعمله هو إيصال الرسائل إلى أصحابها ، وقد يكون بداخلها المباح والحرام والطاعة والمعصية ، والغالب هو نقل المباح ، ولهذا لا حرج في عمله ، إلا إن علم أن الرسالة تحوي عقدا أو اتفاقا ربويا ، فليس له إيصالها حينئذ ، لكن هذا مما لا يعلم غالبا ، لكثرة الرسائل وعدم الاطلاع على ما بداخلها ، وكون الرسالة موجهة إلى البنك أو أحد موظفيه لا تعني بالضرورة احتواءها على عقد ربوي .
وأما العامل في شركة الكهرباء فإنه يقدم هذه الخدمة لعامة أهل البلد ، ممن قد يستفيد منها في المباح أو غيره ، ولا يعتبر بذلك معينا إعانة مباشرة للبنك ، بخلاف من يُطلب منه عمل التمديدات للبنك أو إصلاح الأعطال فيه ، فهذا من الإعانة المحرمة ، وقد قال تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2
والله أعلم .
تعليق