الحمد لله.
أولاً :
الشروط التي تكون بين الزوجين عند عقد النكاح هي شروط مُلزمة ، يلزم كلُّ طرف منهما أن يوفي بها للآخر ، لما رواه البخاري (2721) ومسلم (1418) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ : مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوج ) .
فإذا كانت الزوجة قد اشترطت على زوجها عند الزواج إكمال دراستها : فيجب عليه الوفاء لها بهذا الشرط ، وليس له منعها من ذلك.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : هل للإنسان أن يمنع زوجته من الدراسة ؟.
فأجاب : " إن كانت قد اشترطت عليه عند العقد أن تكمل الدراسة ، فإنه لا يجوز أن يمنعها ؛ لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة /1 ، وأما إذا لم تشترط عليه ذلك فله أن يمنع ". انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (15/58)
ويترتب على إخلال الزوج بالوفاء بهذا الشرط أمرين :
الأول : الوقوع في الإثم ، لمخالفته قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة /1 ، وأولى العقود أن يُوفى بها : عقود الزواج .
الثاني : حق الزوجة في طلب فسخ النكاح ، فهي بالخيار إن شاءت فسخت النكاح ، وإن شاءت تنازلت عنه وبقيت على نكاحها .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن لم يفعل ، فلها فسخ النكاح ، يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسعد بن أبي وقاص , ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم" . انتهى من "المغني" (9/483).
وقال الشيخ ابن باز : " إذا اشترطت المرأة على خاطبها ألا يمنعها من التدريس أو من الدراسة فقبل ذلك ، وتزوجها على الشرط المذكور ، فهو شرط صحيح ، وليس له أن يمنعها من ذلك بعد الدخول بها ... فإن منعها فلها الخيار : إن شاءت بقيت معه ، وإن شاءت طلبت الفسخ من الحاكم الشرعي ". انتهى من " فتاوى إسلامية" (3/215) .
وعليه فإذا كانت زوجتك قد اشترطت عليك عند العقد إكمال الدراسة ، لزمك الوفاء لها ، فإن منعتها كان لها الخيار في فسخ النكاح .
وإن كان ما تم هو مواعدة ليست على سبيل الاشتراط ، لم يكن لها حق الفسخ ، لكن يلزمك الوفاء ، لأن الوفاء بالوعد واجب على الراجح .
ثانياً :
إن تضمن الوفاء بأحد الشروط الوقوع في محرَّم ، كالخلوة المحرمة ، والسفر بلا محرم ، أو غير ذلك ، ففي هذه الحال لا يلزم الزوج الوفاء بهذا الشرط ، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ : فَلَيْسَ لَهُ ، وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ ) متفق عليه .
قال ابن حجر : " المراد بما ليس في كتاب الله : ما خالف كتاب الله ". انتهى من " فتح الباري" (5/188) .
فكل شرط يخالف حكم الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا يلزم الوفاء به ، وهو شرط لاغٍ .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا ) . رواه الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وصححه الألباني.
ولا يكفي للإخلال بهذا الشرط توهم الوقوع في المحرَّم ، بل لا بد أن يكون الوقوع فيه محققاً .
ونيتك حفظها من الفتن نية طيبة تُشكر عليها ، ولكن من الممكن تحقيق الأمرين معاً ، بإكمال دراستها ، واتخاذ الإجراءات التي تساعد على حفظها وحمايتها من الفتن ، كأن تبحث لها عن جامعة نسائية ، ولو بتكلفة أعلى ، أو تقلل هي من الحضور بقدر الإمكان .
على أننا ننصحك أن تحاول التفاهم مع زوجتك في هذا الأمر ، وتشرح لها ما في نفسك ، وما تخشاه عليها ؛ فلعل ذلك أن يقنعا بوجهة نظرك ، وأن تصرف نظرها عن إكمال دراستها .
والله أعلم
تعليق