الحمد لله.
نسأل الله العظيم أن ييسر أمرك وأن يفرج كربك ، ونحن نبارك لك اعتناق الإسلام دين الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، والذي لا يقبل الله تعالى من أحدٍ غيره ، وهو هبة من الله عظيمة ومنَّة منه جليلة ، وما تعانينه من محن وابتلاءات ، كل هذا سوف تعلمين أنه لا يساوي لحظة تشعرين فيها بحلاوة الإيمان ، وبرد اليقين والثقة بالله جل جلاله ؛ وأما جزاء الآخرة ، وما أعده الله لمن صبر ، وصابر ، وتحمل في سبيل دينه ، وتقديما لمحبته ورضوانه : فهذا شيء لا يمكن وصفه ؛ فقد قال ربنا جل جلاله : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) السجدة/17 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ) رواه مسلم 312 .
أيتها الأخت الكريمة ؛ إنك لو أنك عشتِ حياتك كلها في هذه الدنيا ، في بؤس وشقاء وهموم وغموم ، فإن غمسة واحدة في جنة الله تعالى ، جعلنا الله وإياك من أهلها ، سوف تنسيك كل ما واجهك من متاعب ومشاق ، حتى ولو كان ذلك أشقى أهل الأرض ؛ حتى إنه ليحلف أنه ما مر عليه بؤس ولا تعب ، ولا شقاء ! فإذا كان هذا هو حال من غمس في جنة الله تعالى غمسة واحدة ، فكيف إذا كانت الجنة نفسها هي مأواك ومستقرك ؟!
لذا فإننا نوصيك بالصبر والتحمل ، فما أنت عليه من نعمة اعتناق الإسلام يستحق منك التضحية والصبر على ذلك ، ونطمئنك إلى أن أمرك لن يستمر طوال الحياة هكذا ، بل نثق بربنا تعالى أنه سيستجيب لدعائك ودعاء من سيقرأ قصتك من المسلمين أن يكون الفرجُ لك مما أنت فيه قريباً ، ومن يدري ؛ فلعل الله أن يهدي والدك وأخاك ، ويكونوا عونا لك على دينك .
والذي ننصحك به أن تستعملي مع والدك "
المداراة " فتظهرين له المودة والسمع والطاعة – حتى لو أصرَّ على السفر في رمضان -
إلى أن تتغير أخلاقه ويتعدل سلوكه معك ، ومن المهم دوماً أن تجعلي تفكيرك منصبّاً
على الحفاظ على رأس مالك وهو البقاء على الإسلام والتمسك به ، حتى تتاح لك الفرصة
للإعلان بدينك والجهر به ، والتمسك بشعائره وأحكامه جميعا ، بل والدعوة إليه .
وفي حال إقامتك في بلدك أو سفرك مع والدك يمكنك تجنب الخروج من المنزل قدر
الاستطاعة والتعذر بمرض أو غيره ، وكذا تجنب الاحتكاك بالرجال الأجانب ، وتجنب
السهر ورؤية المحرم وسماعه ، واستعيني بالله تعالى في كل أمركِ فالله تعالى نِعم
المولى ونِعم النصير ، واتقي الله ما استطعت ، واعلمي أنه الله جل جلاله لا يكلف
نفسا إلا وسعها ، وهو أرحم بعباده من أن يؤاخذك على أمر تعجزين عنه ، ولا تستطيعين
إقامته .
وننصح لك أن تذهبي لأقرب مركز إسلامي في البلد الذي تعيشين فيه ، وأن تعرضي عليهم
حالتك ، وهم أقدر منا على تقدير الظرف الذي تمرين به ، وأقرب للنصح إليك : ماذا
تفعلين : هل تجهرين بدينك ، أو تصبرين على ما أنت عليه فترة أخرى . والحمد لله أنه
يوجد في بلادك الكثير من المراكز الإسلامية الموثوق بها .
والله أعلم
تعليق