الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

طالبة علم تسأل عن ضوابط وحدود علاقتها مع المدرسين ؟

175320

تاريخ النشر : 18-01-2012

المشاهدات : 32408

السؤال


طالبة مستجدة في الجامعة ، بالتحديد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ، أحب أن تفيدني بآداب أخذ العلم من المشايخ ، ما هي الأمور التي أحرص عليها والأمور التي أتجنبها ، وسؤالي تحديداً لأنهم رجال ليسوا كالنساء في التعامل لوجود الحدود في التعامل معهم ، لذا أود أن أعرف حدودي تفصيلاً ، وما شيخي الذي آخذ عنده إلّا والد لطلابه ، ولكن واجب أن أعرف ما يجوز وما لا يجوز ، مع الحرص بأن لا يخل هذا التعامل بعقيدتي وبتحصيلي الزاد من الدنيا والآخرة . وجزاكم الله خيراً ، ولا تنسونا من صالح الدعاء بارك الله فيكم .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
طلب العلم واجب على كل مسلم ومسلمة ، والعلم الواجب على المرأة تعلمه هو ما يتعلق بأدائها لأحكام الإسلام وأحكام الأسرة ، وأولى من يقوم بهذا التعليم لها وأستر هو أهلها من أب وأم وأخ وأخت وعم وخال ، أو ما يكون من زوج إذا كانت متزوجة ؛ وهي بذلك تحقق الواجب عليها في طلب العلم ، وتحقق واجباً آخر وهو القرار في بيتها ، فإن لم يتيسر لها من يقوم بتعليمها من أهل أو زوج فليكن ذلك عند أحدٍ من بنات جنسها من النساء ، فإن لم يتيسر لها ذلك فلا بأس بطلب العلم عند الرجال على أن يكونوا ثقات أمناء من الأشياخ الكبار لا من الشباب الصغار .
قال ابن الجوزي – رحمه الله - : " المرأة شخص مكلف كالرجل ، فيجب عليها طلب علم الواجبات عليها ؛ لتكون من أدائها على يقين ، فإن كان لها أب أو أخ أو زوج أو محرم يعلمها الفرائض ويعرِّفها كيف تؤدي الواجبات : كفاها ذلك ، وإن لم يكن : سألت وتعلمت ، فإن قدرت على امرأة تعلِّم ذلك : تعرفت منها ، وإلا تعلمت من الأشياخ وذوي الأسنان ، من غير خلوة بهم ، وتقتصر على قدر اللازم ، ومتى حدثت حادثة في دينها : سألت عنها ولم تستح ؛ فإن الله لا يستحي من الحق " انتهى من " أحكام النساء " ( ص 7 ) .

 

ثانياً:
على الطالبة للعلم عند الرجال أن تلتزم بشروط لجواز تعلمها ذاك ، وهي :
1. عدم الخلوة بالشيخ مهما كان العذر ، سواء في الفصل أو في مكتبه ! .
عن ابن عباس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول ( لاَ يَخْلونَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ إِلاَّ وَمَعَها ذُو مَحْرَم ، وَلاَ تُسَافِر المَرْأةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) .
 رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ).
قال عمر بن عبد العزيز : يا ميمون بن مهران إني أوصيك بوصية فاحفظها : إياك أن تخلو بامرأة غير ذات محرم وإن حدثتْك نفسك أن تعلِّمها القرآن " انتهى من " حِلية الأولياء " ( 5 / 272 ) لأبي نعيم الأصبهاني .
وفي " حاشية الروض المُربِع " ( 6 / 238 ) : " فتحرم الخلوة بالأجنبية ولو في إقراء القرآن ؛ سدّاً لذريعة ما يحاذر من الفتنة وغلبات الطباع " انتهى .
2. الالتزام بالحجاب الشرعي .
وفي جواب السؤالين ( 214 ) و ( 6991 ) تجدين بيان صفات حجاب المرأة الشرعي .
3. الالتزام بغض البصر ، والتحفظ من منافذ الفتنة والشهوة عند التعلم .
قال تعالى ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/ 30 .
4. أن لا ترقق صوتها وتنغمه عند السؤال والجواب وقراءة القرآن .
قال أبو العباس القرطبي - رحمه الله - : " ولا يظن مَن لا فطنة له أنا إذا قلنا " صوت المرأة عورة " أنَّا نريد بذلك كلامها ؛ لأن ذلك ليس بصحيح ، فإنا نجيز الكلام من النساء الأجانب ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك ، ولا نجيز لهن رفع أصواتهن ، ولا تمطيطها ، ولا تليينها وتقطيعها ؛ لما في ذلك من استمالة الرجال إليهن ، وتحريك الشهوات منهن ، ومن هنا لم يجز أن تؤذن المرأة " انتهى من " كشف القناع عن حكم الوجد والسماع " ( ص 70 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
سائلة تقول : ما حكم تحسين الصوت في قراءة القرآن للطالبات عند المدرس في الكلية مع أنها غير مطالبة بذلك ؟ .
فأجاب : " لا أرى أن تحسِّن صوتها ؛ لأن الله تعالى يقول ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/ 32 ، فكون الطالبة تأتي بالقرآن على وجه الغنَّة وتحسين الصوت : يُخشى منه الفتنة ، ويكفي أن تقرأ القرآن قراءة مرسلة عادية " انتهى من " اللقاء الشهري " ( 42 / السؤال رقم 11 ) .
5. أن لا يكون تعليمها في فصول أو جامعات مختلطة مع الرجال .
وقد ذكرنا أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم ( 1200 ) فلينظر .
وليحذر الطلاب والطالبات والمدرسون والمدرسات من فتنة الشهوات ، وما أكثر ما يحصل من شر وفتنة ومعاص في معاهد التعليم والجامعات ، ولا يغتر المسلم بأنه يطلب العلم الشرعي أو يعلمه فيظن نفسه بعيداً عن الفتنة ، بل إنما يحرص الشيطان على أهل الخير والفضل ليوقعهم فيما يغضب الله تعالى ، وله طرقه الخاصة بإيقاع أولئك الفضلاء والفضليات لا تخفى على عاقل ، تبدأ بالإعجاب وتبدأ بعبارات شرعية كالدعاء والثناء ثم سرعان ما يتتابعون على السير على خطوات الشيطان حتى يقع ما لا تحمد عقباه .

 

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة