الثلاثاء 11 جمادى الأولى 1446 - 12 نوفمبر 2024
العربية

اشترطت شركة التأمين لصرف الراتب التقاعدي ألا يكون له عمل آخر فهل يلزمه الوفاء بهذا الشرط ؟

175466

تاريخ النشر : 06-12-2011

المشاهدات : 12536

السؤال


لي صاحب تعرفت عليه في مكان عملي في الشركة , طلب مني مساعدته في قضيته , فكان من قبل قد أصيب في عمله السابق من قبل إحدى الماكينات ، فأدى ذلك إلى إعاقة في ظهره ، وكسر في رجله ، وهذه الإعاقة من بعد التقرير الطبي أبديه إلى مدى الحياة , ونحن عندنا في الدولة في أماكن العمل مجبرون على دفع قيمه شهريه مقدارها 100 دولار لمؤسسة أو وزارة التأمين الوطني وللتأمين الصحي مقابل عدة خدمات منها كحالة صاحبي الذي أصيب ، يدفعون له راتبا شهريا قرابة 650 دولار وهو جالس في البيت لأنه غير قادر على العمل , فذهبت أنا وإياه بسيارتي إلى وزارة التأمين الوطني كي نسلم لهم التقارير الطبية ، كي نثبت لهم أنه عنده إعاقة في ظهره ورجله حتى يدفعوا له الراتب الشهري 650 دولار, فوافقوا له على ذلك وهو الآن يأخذ هذا الراتب شهريا, ولكن المشكلة أن هناك قانونا في الشركة أنه إذا أخذ هذا الراتب الشهري ، فممنوع له أن يشتغل في أي مكان عمل ويأخذ راتبا آخر من أي مكان عمل , ولكن عندما سألوه في وزارة التأمين هل تعمل ؟ فقال لهم لا , مع العلم أنه في الحقيقة يشتغل في الشركة التي كنت أنا فيها ، ولكن بشكل غير قانوني , فهل المال الذي أخذه من شركة التأمين مال حرام وعليه إرجاعه ؟ وهل أنا شريك في هذا المال الحرام؟ فماذا علي أن اعمل كي يتوب الله علي؟ وهل واجب علي إرجاع مقدار من المال ؟مع أن المال كله يذهب إلى صاحبي ولم آخذ منه شيء , أم هو عليه إرجاع المال كله لأنه هو الذي آخذه ؟ وهل إذا نصحته بالكف عن آخذ هذا المال واستمر فهل علي شيء ؟ وهل هذا النوع من التأمين ربا ؟ . وإن كان ربا فماذا افعل؟ أرجو التفصيل .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
التأمين التجاري على الحياة ، والعجز ، مشتمل على الغرر والربا ، لأنه مال بمال مع المفاضلة والتأخير ، ولهذا لا يجوز الاشتراك فيه في قول أكثر أهل العلم ، وينظر : سؤال رقم(8889) .
لكن إذا أجبر عليه الإنسان ، كان الإثم على من أجبره .
ومن أصيب بحادث ، وعوضه التأمين أو صرف له راتبا ، جاز له أخذه ولو كان أكثر مما دفع ، لا سيما إذا كان التأمين تابعا للدولة أو ما يسمى بالمعاش التقاعدي ؛ لأنه مال بذله أصحابه ورغبوا عنه ، في عقد لم يشارك فيه المؤمّن باختياره .
وقد جَوَّز كثير من أهل العلم الانتفاع بما يأتي من نظام التقاعد التابع للدولة ، واعتبروا الزيادة من الدولة داخلة فيما يجب عليها من رعاية الضعفاء والقيام عليهم .
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى : ما حكم أخذ المعاش التقاعدي ؟
فأجاب :
"يجوز أخذه ، وقد صدرت به فتوى من هيئة كبار العلماء" انتهى من كتاب "لقاءاتي مع الشيخين" للشيخ الدكتور عبد الله الطيار ، القسم الأول ص 66 .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : كنت متطوعا بالقوات المسلحة المصرية ، في الفترة من سبتمبر عام 1967م إلى يناير عام 1981م ، ومكثت بها ثلاثة عشر عاما تقريبا ، وكانوا يقتطعون جزءا من مرتب كل شهر لك تأمينات والمعاشات ، وهذا الأمر إجباري وبعد أن من الله علي بفهم الإسلام قمت بتقديم استقالتي ، وقبلت بفضل الله عز وجل ، ولكن أعطوني معاشا شهريا ، وقد ذكر لي بعض الإخوة أن هذا المعاش ربا ويجب علي ترك هذا المعاش ، فهل هذا الحكم صحيح أم لا ، وما هو الحكم الشرعي الصحيح في هذا المعاش؟
فأجابوا :
"إذا كان الواقع كذلك جاز لك أخذ معاش التقاعد ؛ لأنه مكافأة على الخدمة التي قمت بها مدة العمل في الحكومة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الله بن غديان.
انتهي من " فتاوى اللجنة الدائمة " (23/473) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : قاربت على التقاعد فبماذا تنصحني؟ هل أستقيل وأصفي حقوقي بدلاً من التقاعد لأني سمعت أن فيه شبهة رغم أنه أفيد بالنسبة لي من التصفية ، أم أنه ليس فيه شبهة فآخذ به؟
فأجاب : "أقول : ليس فيه شبهة إن شاء الله ، معاشات التقاعد ليس فيها شبهة لأنها من بيت المال وليست معاملة بين شخص وآخر حتى نقول : إن فيها شبهة الربا ، بل هي استحقاق لهذا المتقاعد من بيت المال ، فليس فيها شبهة ، تبقى على وظيفتك وتأخذ معاش التقاعد ، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيه البركة لك" انتهى من "اللقاء الشهري" (58/22) .
وينظر : سؤال رقم (42567) .
ثانيا :
يلزم الوفاء بالشروط المتفق عليها مع شركة التأمين ؛ لقوله تعالى :   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ  المائدة/1، وقول النبي صلى الله عليه وسلم :  الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ  رواه أبو داود ( 3594 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعليه : فإذا كانت الشركة تشترط لاستحقاق راتب التأمين ألا يكون للموظف عمل آخر ، فلابد من الوفاء والصدق في ذلك ، فإن رغب الموظف في العمل فليتنازل عن راتب التأمين .
والواجب عليك بيان ذلك لصاحبك ، ونصحه بالوفاء والصدق ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن استمر في عمله ، فقد أديت ما عليك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب